كتاب الموقعكلمة في الزحام

“النكبة” مفهوم وجودي قبل أن يكون حدثا سياسيا

“النكبة” مفهوم وجودي قبل أن يكون حدثا سياسيا… هو تصنيف يخص المضمون والمحتوى قبل الشكل والأسلوب، لكن لا هوية فنية تخصه إلا بقدر ما يعطيه صاحب الأثر من زخم إبداعي، ذلك أن ليس من الرجاحة والصواب النقدي أن نضع كل الكتاب تحت يافطة واحدة لمجرد أنهم عايشوا حدثا واحدا.

ولا يختلف اثنان في أن نفائس الرواية والشعر والمسرح في تاريخ البشرية قد ارتبطت بالنكبات التي تعرضت لها القرى والمدن والبلدان فكانت تلك المؤلفات بمثابة “التاريخ الصغير” الذي هو أشد سحرا وإمتاعا عند قراءته، من تاريخ المؤرخين والموثقين.

ومن هنا تترسخ مقولة “الأدب مأساة أو لا يكون” للكاتب والمفكر الوجودي التومسي محمود المسعدي، وذلك على صعيدي المضمون من ناحية، وكذلك ظروف كتابته ومعالجته الفنية، إذ أن مفهوم البطولة يأخذ طابعا مزدوجا فيجمع بين الشخصية المتخيلة، وشخصية الكاتب نفسه أي محرك الأحداث في بعده الأول، وصانعها في بعده الأعمق.

ما يشهده العالم اليوم من اضطرابات بطلها الإنسان والطبيعة، سوف نقطفه غدا على شكل إنتاجات أدبية وفنية تؤرخ للنكبة الحالية التي تعيشها الإنسانية، لكن إنسان العصر الحالي لا يتعامل معها على أساس أنها نكبة بل يحسب النكبة ما كان قد جرى في الماضي، والحقيقة أن الناس الذين عايشوا النكبة الفلسطينية مثلا ، لم يكونوا وعين بأنها نكبة، وإنما جاءت التسمية لاحقة.

مغزى القول هو أن “النكبة” مفهوم أنطولوجي يقتضي الديمومة والوعي بأسئلته الحارقة من منطلق أن أي لحظة يعايشها الإنسان هي “نكبة” بمفهومها الوجودي وليست مجرد أحداث فارقة صنعتها سياسات عسكرية أو اجتماعية أو عنصرية أو ثقافية.

 

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى