تحليلات سياسيةسلايد

بعلمه أو دون علمه.. لقاء المنقوش وكوهين يضع الدبيبة في مأزق

اقال رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش في محاولة لاحتواء موجة غضب في ليبيا بينما تتعرض حكومته لانتقادات واسعة من اقرب حلفائها بسبب لقاء جمع المنقوش بوزير خارجية إسرائيل ايلي كوهين في العاصمة الايطالية روما فيما فهم انه محاولة لتسجيل النقاط السياسية في بلد تنهشه الحرب والانقسامات وفوضى السلاح والتدخلات الأجنبية ليزيد ملف اللقاء المفترض من الانقسام والتوتر.

وبدأ استثمار هذا اللقاء سياسيا لجهة تصفية حسابات مع الدبيبة الذي يتحمل في كل الحالات أكان يعلم أو لا يعلم باللقاء، المسؤولية عن توجيه وزرائه وادارة حكومته في الوقت الذي يسعى فيه لتعزيز شعبيته استعدادا للانتخابات القادمة التي يجري التحضير لها.

وتعرض الدبيبة لهجوم من ابرز حلفائه على غرار رئيس المجلس الأعلى للدولة السابق، خالد المشري وهو قيادي محسوب على تيار الاخوان المسلمين وان أعلن استقالته من الجماعة حيث قال في تدوينة عبر صفحته الرسمية على الفايسبوك بأن حكومة الوحدة تخطت كل الخطوط الممنوعة والمحظورة وأصبح من الواجب إسقاطها” فيما طالب المجلس الرئاسي بقيادة محمد المنفي بتوضيحات.

وسعى رئيس حكومة الوحدة لامتصاص الصدمة من خلال اقالة المنقوش بعد ايقافها عن العمل احتياطيا وإحالتها على التحقيق لكن مراقبين يرون ان هذه الخطوة محاولة من الدبيبة لحفظ ماء وجهه ومواجهة الانتقادات من خلال تحميل المنقوش حصرا مسؤولية اللقاء.

لكن مسؤولا إسرائيليا خرج في الاعلام ليقول اليوم الاثنين إن اجتماعا استضافته إيطاليا بين كوهين ونظيرته الليبية الأسبوع الماضي تم الاتفاق عليه مسبقا “على أعلى المستويات” في ليبيا واستمر أكثر من ساعة في اشارة على ما يبدو للدبيبة.

و يعتقد ان لقاء وزير خارجية ليبيا مع نظيرها الإسرائيلي كان بعلم من رئيس حكومة الوحدة لان عكس ذلك سيظهر الأخير وكانه رئيس حكومة ضعيف لا يملك دراية بمسار الدبلوماسية الليبية والسياسات الخارجية.

وخير الدبيبة في النهاية التخلي عن المنقوش وتحميلها المسؤولية الكاملة عن الازمة وجعلها كبش فداء لتفادي التداعيات السياسية.

وفي كلتا الحالتين سيكون رئيس حكومة الوحدة الوطنية اكبر متضرر من اللقاء المفترض خاصة وان التطبيع مع اسرائيل من الخطوط الحمراء في بلد غارق في العديد من الازمات.

وفي النهاية يعتقد ان صورة الدبيبة تضررت كثيرا من اللقاء المفترض بين المنقوش وكوهين وهو ما يفسر الاحتجاجات التي شهدتها عدد من المدن الليبية يما فيها طرابلس فيما لا يزال يتعرض لانتقادات بسبب فشله في كبح جماح الميليشيات ووقف الاشتباكات التي تشهدها بين الحين والاخر مدن الغرب بين الجماعات المسلحة المختلفة.

وقالت حكومة دبيبة في بيان نُشر على فيسبوك مساء الأحد إنّها قرّرت وقف المنقوش “عن العمل احتياطيا” على أن “تُحال إلى التحقيق” أمام لجنة برئاسة وزيرة العدل.

ووصفت الخارجية الليبية ما حدث في روما بأنه “لقاء عارض”، لكن الأنباء عن الاجتماع أدت إلى خروج احتجاجات شعبية في مدن ليبية عدة.

في المقابل كشف موقع روسيا اليوم ان المنقوش غادرت طرابلس الى تركيا عبر مطار معيتيقة.

واندلع الخلاف السياسي الأحد مع إعلان الخارجية الإسرائيلية في بيان أن وزيري خارجية إسرائيل وليبيا التقيا الأسبوع الماضي في أول مبادرة دبلوماسية من نوعها بين البلدين.

وأورد البيان أن وزير الخارجية إيلي كوهين ونظيرته الليبية في الحكومة التي تتخذ طرابلس مقرا لها نجلاء المنقوش، تحادثا خلال اجتماع في روما استضافه وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني.

وقال كوهين في بيان صادر عن وزارة الخارجية “تحدثت مع وزيرة الخارجية حول الإمكانات الكبيرة التي يمكن أن توفرها العلاقات بين البلدين”.

وكشف موقع روسيا اليوم ان وزيرة خارجية ليبيا غادرت الى تركيا عبر مطار معيتيقية فيما نفى جهاز الأمن الداخلي  الليبي اليوم الإثنين، السماح أو تسهيل سفرها

وقال الجهاز ، في بيان صحفي  نشره عبر حسابه بموقع “فيسبوك” اليوم ، إن المنقوش لم تمر عبر القنوات الرسمية بمنفذ المطار سواء الصالة العادية أو الخاصة أو الرئاسية وفق السياق المتعارف عليه، مشيرا إلى أن كاميرات المراقبة ستوضح ذلك.

وأشار الجهاز إلى إدراج اسم  المنقوش في قائمة الممنوعين من السفر الى حين امتثالها للتحقيقات .

وأكد الجهاز رئاسة وأعضاء وقوفهم صفا واحد مع تطلعات الشعب الليبي ومشاركته كافة القضايا وخاصة القضية الفلسطينية، مستنكرا “ما قامت به وزيرة الخارجية بالجلوس مع أحد أفراد الكيان الصـهيوني “.

كما حذر من “الصفحات والحسابات الإلكترونية المأجورة التي تسعى ومنذُ أيام إلى نشر الشائعات عبر اختلاق القصص الكاذبة وتزوير الحقائق وتلفيق التهم وكذلك لمن يحرض على تخريب المؤسسات العامة للدولة و ممتلكاتها وسيتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية في حق كل من يثبت تورطه وفقاً للإجراءات القانونية”.

وفي المقابل اكدت الخارجية الليبية الأحد أن المنقوش رفضت عقد أي لقاءات مع أي طرفٍ ممثلٍ للكيان الإسرائيلي”.

وقالت إن ما حدث في روما “لقاء عارض غير رسمي وغير مُعَدّ مسبقا، أثناء لقاء مع وزير الخارجية الإيطالي، ولم يتضمن أي مباحثات أو اتفاقات أو مشاورات”.

وأضافت أن الوزيرة أكدت “ثوابت ليبيا تجاه القضية الفلسطينية بشكلٍ جَلي وغير قابل للتأويل واللبس”.

وأثارت أنباء الاجتماع احتجاجات في بعض المدن الليبية واستدعت كذلك إصدار رسالة من المجلس الرئاسي في البلاد تطلب توضيحا. فيما اتهمت الخارجية الليبية إسرائيل بإعطاء ما جرى طابع اللقاء أو المحادثات.

ونقل بيان الخارجيّة الإسرائيليّة عن كوهين قوله إن الطرفين ناقشا “أهمية الحفاظ على تراث اليهود الليبيين، بما في ذلك ترميم المعابد اليهودية والمقابر اليهودية في البلاد”.

وأضاف أن “حجم ليبيا وموقعها الاستراتيجي يوفران فرصة كبيرة لدولة إسرائيل”.

ومساء الأحد، طالب المجلس الرئاسي حكومة الوحدة بتوضيح حقيقة لقاء المنقوش مع وزير خارجية “الكيان الإسرائيلي” بحسب مُراسَلة أكّدتها الناطقة باسم المجلس الرئاسي.

ويضمّ المجلس الرئاسي الذي يتمتّع ببعض الصلاحيّات التنفيذيّة والمنبثق عن العملية السياسية المدعومة من الأمم المتحدة، ثلاثة أعضاء يمثّلون الجهات الليبية الثلاث.

وقالت الرسالة إنّ هذا التطور “لا يعكس السياسة الخارجية للدولة الليبية ولا يمثل الثوابت الوطنية الليبية، ويعتبر انتهاكا للقوانين الليبية التي تجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني”.

وطالبت الحكومة في حال ثبوت اللقاء “باتّخاذ أقسى العقوبات وفق القوانين والإجراءات المعمول بها في ليبيا”.

واندلعت احتجاجات في شوارع طرابلس وضواحيها مساء الأحد رفضا للتطبيع مع إسرائيل. وامتدّت الاحتجاجات إلى مدن أخرى، حيث أغلق شبّان الطرق وأحرقوا إطارات، ملوّحين بالعلم الفلسطيني.

وتتمتّع ليبيا بتراث يهودي غني مثل عدد من دول شمال إفريقيا الأخرى.

لكن خلال عقود من حكم الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي الذي كان مؤيدا قويا للقضية الفلسطينية، طرد آلاف اليهود من ليبيا وتم تدمير العديد من الكنس اليهودية.

وتشهد ليبيا فوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011. وتحكم البلاد حاليا حكومتان متنافستان واحدة في الغرب برئاسة الدبيبة وأخرى في الشرق يرأسها أسامة حمّاد بتكليف من البرلمان ودعم من خليفة حفتر.

وقامت إسرائيل بتطبيع العلاقات مع بعض الدول العربية في السنوات الأخيرة في إطار اتفاقيات ابراهام المدعومة من الولايات المتحدة.

ومع ذلك، تعرضت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو المتشددة لانتقادات شديدة من الدول العربية بسبب تصاعد العنف في الضفة الغربية ودعم توسيع المستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة.

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى