كتاب الموقعكلمة في الزحام

تخيلوا حياة بلا نهاية

تخيلوا حياة بلا نهاية … كانت فجيعة الموت هي أول من حرك الفكر البشري نحو البحث عن عشبة الخلود كما في أسطورة جلجامش.

اليوم، لا يزال السؤال نفسه، ولن يستكين الإنسان أو يستسلم لفكرة الفناء ويتصالح مع غول الموت مهما كانت عقيدته الروحية أو قناعته العلمية .بل صارت البشرية أكثر حماسة في السباق نحو هزيمة الموت ومحاولة كسر شوكته عبر التغلب على العديد من الأمراض والأوبئة. والنجاح في إطالة متوسط عمر الإنسان الذي لم يكن ليحلم بأن يشارف القرن من الزمن ويجتمع في صورة عائلية واحدة مع أحفاده بل وأحيانا.مع أحفاد أحفاده.

كان المسنون في الأزمنة  السابقة لا تتجاوز أعمارهم الأربعين حولا.. ومن يعش ثمانين حولا ـ لا أبا لك ـ يسأم أي أن زهير بن أبي سلمى كان بمثابة الديناصور في عصره.

وعلى الرغم من هذا الإنجاز الذي حققه الإنسان في اقتطاع بضعة عقود من الزمن لصالحه. إلا أن طموحه أكبر من ذلك بكثير، فها هو اليوم يتحدث عما يفوق المئتي عام من معدل عمر الإنسان في العقود القادمة.

سيتحدث الناس في المستقبل القريب عن فتاة في القرن الأول من سنها. وشاب لا يتجاوز الثمانين من عمره، وصبية تكاد تقارب سن العنوسة عندما احتفلت بعيد ميلادها الواحد والعشرين بعد المئة.

وربما تمنع مشاهدة بعض الأفلام عمن هم دون الخمسين، وتمد الخدمة العسكرية إلى الثلاثين عاما بدل السنة أو السنتين. أما الدورات الانتخابية في الأنظمة الديمقراطية فقد تصل إلى الأربعين عاما، وسوف يحصل إرباك شديد في شركات التأمين على الحياة.

نظم “الصيانة البشرية

وبفضل نظم “الصيانة البشرية” والاعتناء بالبشرة واللياقة فسيبقى قلب الرجل إلى حسناء تبلغ التسعين ربيعا ولن ينعت بالتصابي إلا من جاوز المئتي عام وأراد أن يجدد شبابه. كما ستتغير روزنامة الإنسان وساعته البيولوجية فتطول أوقات نومه وعطلته وسهره وانتظاراته.

إنجاب الأطفال في هذه الحالة قد يكون زائدا عن الحاجة ويتسبب في حالات الاكتظاظ وعجز الدول على تأمين الأغذية والمهن والوظائف لشعوبها فتلجأ عندئذ إلى التشدد في تقنين النسل البشري .أو إيقافه نهائيا أمام حياة طويلة تتغير فيها المفاهيم في كل ما يتعلق بالدين والسياسة والنزاعات البشرية.

وسوف يتمدد متوسط عمر الإنسان ويطول إلى قرون عديدة فيدب الملل والسأم وتزداد طوابير العاطلين عن العمل من حفاري القبور والأطباء والبنائين والمنجمين. وكذلك المتاجرين بالدين، إذ لا خوف من الموت بعد عمر مديد، ولا حاجة للاستشفاء ولا حتى لأندية الرياضة واللياقة البدنية.

الذكاء الاصطناعي سوف يبلغ ذروته إلى درجة أنه قد يساعد الإنسان على وضع حد لحياة بلا ضفاف.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى