اقتصاد

تونس ترفع نسبة الفائدة في سياق عالمي لكبح التضخم

أثار قرار البنك المركزي في تونس ترفع نسبة الفائدة الرئيسية بـ75 نقطة لتصل إلى 7 بالمئة جدلا واسعا بين رافضين ومؤيدين للقرار في خضم وضع اقتصادي صعب تمر به البلاد وأزمة عالمية بسبب تداعيات الحرب الروسية في اوكرانيا وكذلك استمرار تداعيات تفشي وباء كورونا.

وقال البنك المركزي، عبر بيان، إن “مجلس إدارته استعرض (خلال اجتماع الثلاثاء) آخر التطورات الاقتصادية والمالية، وقرر الترفيع (الزيادة) في نسبة الفائدة الرئيسية للبنك المركزي بـ75 نقطة أساسية لتبلغ 7.0 بالمئة”.

وأضاف أن رفع هذه النسبة “سيؤدي إلى ارتفاع نسبتي تسهيلات الإيداع والقرض الهامشي إلى 6.0 بالمئة و8.0 بالمئة على التوالي”.

وأفاد البنك المركزي التونسي بأن النشاط الاقتصادي، المدعوم أساسا من القطاع الصناعي، واصل خلال الربع الأول من سنة 2022 ارتفاعه التدريجي ليبلغ 2.4 بالمئة على أساس سنوي مقابل 1.6 بالمئة في الربع السابق.

وتابع أن القطاع الصناعي ساهم بقدر مهم في انتعاشة حجم الصادرات التي تزايدت بـ14 بالمئة على أساس سنوي مقابل 4.4 بالمئة في الربع الأخير من 2021.

ويرى خبراء اقتصاديون أن قرار رفع نسبة الفائدة طبيعي في ظل وضع دولي متأزم بسبب تداعيات الغزو الروسي لاوكرانيا وكذلك تفشي وباء كورونا الذي أصاب الاقتصاد العالمي في مرحلة معينة بالشلل.

وتعمل عدد من الدول لمواجهة التضخم العودة للرفع في أسعار الفائدة حيث رفع الاحتياطي الفدرالي الأميركي نسب الفائدة بنصف نقطة بداية الشهر الجاري وهو الاكبر منذ 22 سنة في ظل اسوا تضخم شهدته اميركا منذ 40 عاما.

كما أظهرت بيانات حكومية، الأربعاء، أن مؤشر التضخم بأسعار المستهلكين في بريطانيا ارتفع إلى 9 بالمئة في أبريل/نيسان الماضي، مسجلا أعلى قراءة منذ 40 عاما، مقارنة مع 7 بالمئة في الشهر السابق له.

وقد رفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة الرئيسية 4 مرات متتالية في مسعى لاحتواء أزمة التضخم، التي تجتاح العالم ككل، ليصل سعر الفائدة إلى 1 بالمئة وهو أعلى مستوى منذ عام 2009.

وهو نفس الاجراء التي اتخذته كذلك عدد من دول الخليج لمواجهة التضخم ويبدو ان البنك المركزي التونسي الذي عرف باستقلالية قراره عن السلطة السياسية يتخذ بدوره نفس المسار لاسباب موضوعية حتمها الوضع الدولي.

وواصل التضخم في تونس ارتفاعه للشهر الرابع على التوالي، مسجلا زيادة جديدة في أبريل/نيسان الماضي بنسبة 7.5 المئة، على أساس سنوي، وفق بيانات المعهد الوطني للإحصاء (حكومي).

ورغم ان بعض المراقبين يرون ان النسبة تظل معقولة بالمقارنة مع ما تعيشه بعض الدول من تضخم خاصة تركيا لكن خبراء يحذرون من تداعيات تصاعده.

وسعت بعض القوى السياسية وكذلك بعض الخبراء للقفز على موضوعية قرار رفع نسب الفائدة باتهام البنك المركزي بالخضوع للسلطة السياسية.

وقال الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان في تصريح لاذاعة جوهرة الخاصة الاربعاء أن المستفيد الوحيد من قرار رفع الفائدة هو البنوك التونسية، في حين سيكون له انعكاس سلبي على المواطن وعلى المؤسسات الاقتصادية.

واضاف ان “البنك المركزي قد أخطأ من جديد في ظل وجود فهم خاطئ للسياسة النقدية في تونس”، موضحا أن “الحل هو في الإصلاحات الاقتصادية والمالية وإعادة النظر في نمط إنفاق الدولة”.

واتهم الخبير الاقتصادي البنك بممارسة السياسة قائلا ان “البنك المركزي يعمل في السياسة وزاد في تعقيد الأوضاع”.

لكن هذا الطرح ينفيه الاستاذ الجامعي في الاقتصاد ارام بلحاج حيث اكد في تصريح لاذاعة موزاييك الخاصة اليوم الاربعاء أن الحكومة لم تكن لتُوافق على مثل هذا الإجراء في ظل النمو الهش نافيا وجود تنسيق بينها وبين البنك المركزي لرفع نسبة الفائدة.

وفي المقابل يحظى قرار البنك بتاييد بعض الخبراء الذين يؤكدون ان القرار يهدف لتوفير حماية مباشرة للدينار في مواجهة العملات الأخرى وانه قرار طبيعي في ظل الازمة العالمية.

ويؤكد مراقبون ان البنك المركزي لا يزال محافظا على استقلاليته وان قراراته محكومة بالوضع المالي وبالسياسات النقدية.

وذكروا برفض البنك المركزي دعوة رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي لتمويل الميزانية ومواجه العجز حفاظا على السياسات النقدية وقيمة الدينار مؤكدين ان الوضع الحالي مختلف تماما وان القرار خاضع للمصلحة المالية للبلاد.

وتعاني تونس من ازمة اقتصادية ومالية كبيرة حيث تسعى حكومة نجلاء بودن للحصول على تمويلات من صندوق النقد الدولي لكنها مطالبة بوضع برنامج اصلاح للاقتصاد عموده تجميد الاجور ورفع الدعم وهو ما يرفضه الاتحد العام التونسي للشغل.

 

ميدل إيست أون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى