شرفات

حكايات الزمن المحبوس في غرفة من حديد !

عماد نداف

حكاية (1)

وقفتُ على باب الزمن .

طرقتُه بيدين قويتين ، وانتظرتُ .

لم يُفتح الباب .

سألتُه :

لِمَ لا تفتحْ الباب ؟

صرختُ به :

أنت مجنون، وإلاّ عليك أن تفتحَ البابَ لنسألك عن حياتنا .

لم يُفتح بابُ الزمن .

ظلّ مغلقا في وجهي ، وعدّتُ خائباَ إلى روحي!

 

حكاية (2)

أخبرتني أمي أن الزمنَ رجلٌ عجوزٌ

شعرُه أبيض مثل شعرٍ جدّك

وجهُه متغضن مثل وجه جدّتك .

لا أم له ، ولا أب ..

عاشَ يتيماً . هجع إلى غرفة من حديد، واختفى فيها !

سألتُها : كيف يأكل؟ كيف يشرب ؟

وسألتها : من يأتي له بالطعام والماء والخبز ؟

ضحكتْ ، وهمستْ في أذني:

هل سمعت بأنّ الحجرَ يأكلُ ويشربُ؟!

ولم أفهم ما تعنيه إلاّ فيما بعد .

 

حكاية (3)

في منطقة الرصافة ..

عند قبر فارسٍ اسمه سرجيوس

عاش قبل ألفي عام

وكانت السماء تمطرُ بشدة

صحتُ بصوت عال :

هيه ، أيها الفارس سرجيوس!

هل شاهدتَ الزمن ؟

القبرُ ظلّ صامتاً ، وسرجيوس كان أخرسَ!

فكرتُ : هل الفارس محبوس في غرفة من حديد.

 

حكاية (4)

أمس ..

خرج الزمنُ من غرفته الحديدية

خرج من غزة .

رأيتُه .

دققت في ملامحه :

هو طيف ملائكي يشبه حاجزاً شفافاً

حاجز يفصل بين الموت والحياة

ومن الموت يمكنك أن ترى الحياة

هرعتُ إليه ..

وكان الوقتُ ليلاً ،

وكان المطرُ يهطلُ على زجاج نافذتي .

قال لي : من الموت يمكنك أن ترى الحياة .

قال لي : اسأل أهل غزة !

 

حكاية (5)

لا أستطيع الذهاب إلى غزة ..

غزةُ تحارب من طلوع الشمس إلى طلوعها..

رأيتني نمتُ

جاءت أمي في المنام ، وقالت :

الزمن يابني يظهر أحيانا كفارس أبيض

مشرقَ الوجهِ مثل وجه طفل

شعره أسود يطيّره الهواء مثل شعر فتاة جميلة

يركب على حصان ..

تسمع صهيلاً يشبه الأصوات القادمة من غزة

ثم تستيقظ مثل مولود جديد !

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى