راعي الحمار الوطني …
راعي الحمار الوطني …يتذكّر التونسيون جيدا زلّة اللسان الشهيرة ـ أي “الواو ” التي انقلبت إلى “”ميم ” في الحوار الوطني …و التي تكررت أثناء ذلك المؤتمر الإنقاذي في مثل هذه الأيام من العام الماضي وأمست حديث المقاهي وسببا للتندّر ورواية سائر التعليقات الساخرة في وقت وصلت فيه الأزمة حدها ولم تعد تتحمّل إلاّ السخرية بديلا عن الانفجار .
كانت البلاد على شفا حفرة من التسيب والاحتقان والإنخرام الأمني بسبب الأوضاع المعيشية التي أعقبتها الاغتيالات السياسية ممّا زاد في رش الملح على الجرح فكشّر الشارع والشعب الصبور عن أنياب الغضب وخرج في اعتصامات سلمية يطالب فيها حكومة الترويكا التي يقودها “الاخوانيون “” بالرحيل دون قيد أو شرط ,, وهي التي أمعنت في إهانة كرامة التونسيين التي انتفضوا وثاروا من أجلها ..
لقد بدأ جرح الكرامة بالمس من رغيف المواطن ووانتهى بتجنيد أبنائه في جحافل القتل الذاهبة نحو الأراضي السورية استرضاء لمن يخططون خلف البحار وفي قصور العار .
كانت المبادرة من أربع منظمات مدنية هي الأعرق في المجتمع التونسي , بل وفي العالم العربي بأسره وهي الاتحاد العام التونسي للشغل , اتحاد الصناعة والتجارة , هيئة المحامين ومنظمة حقوق الإنسان مما عرف اصطلاحا بالرباعي الراعي للحوار الوطني ..
جلست غالبية الأحزاب والتمثيليات والتنسيقيات على طاولة الحوار بمبادرة من هذا الرباعي الذهبي ,و ربطوا الليل بالنهار ,اختلفوا وتشنجوا وتخاصموا كثيرا ,و لكنهم اتفقوا بالنهاية لاانهم آلوا على انفسهم الانتصار لإرادة من وكلهم أمره ..فكان بصيص الضوء وبداية الخروج من النفق المظلم الذي أدخلنا الإسلاميون ومن معهم في سردابه , كتب دستور جديد بعد مخاض عسير وتشكلت حكومة إنقاذ ..وتنفّس التونسيون نصف الصعداء .
فرح الجميع بهذا الانجاز الاستثنائي واشرأبت بعض الأعناق إلى اكاديمية ستوكهولم وجائزتها في السلام “نصف الموجود” ….ثم نسي الأمر على اعتبار أنّ رب الأسرة لا ينتظر المكافأة على واجبه في حماية أبنائه .
عادت التجاذبات هذا العام من جديد وانتابنا نفس التوجّس فجاءت حمامة من بلاد الصقيع تحمل دفئا وبارقة أمل اسمها “نوبل للسلام ” …لعل أجمل ما فيها أنها تبلّغ رسالة إلى الأشقاء الليبيين الذين هربوا من تحت الدلف إلى تحت المزراب ,واليمنيين الذين تطحنهم حرب بلهاء كمضغة قات وإلى السوريين بمختلف تكويناتهم السياسية وهم صنّاع أول حضارة وبناة أول سلام ..وأهم من يستحقها عن جدارة رغم القلوب التي أعماها الحقد والتطرّف وبدّل من لونها المتآمرون والطامعون من مختلف المشارب.
كلمة في الزحام ..
الراعي الأعزل المسكين الذي قتلته عصابة إرهابية وصادرت حماره وقطيعه بسبب تعامله مع عناصر الجيش على الحدود التونسية الجزائرية …ألا يستحق نوبل عن جدارة ك””راع للحوار ” مع “حماره الوطني ” ؟