اقتصاد

زيارة «خائبة» إلى قطر: مصر تستحثّ الاستثمارات… والخليجيون يمانعون

أخفق رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في زيارته إلى قطر والتي استمرّت ليومَين، في إنجاز أيّ من الأهداف التي سافر من أجلها على رأس وفد اقتصادي رفيع المستوى، وعلى رأسها تحريك ملفّ الاستثمارات القطرية في مصر. إذ لم ينجح مدبولي في إقناع القطريين بتسريع وتيرة ضخّ الأموال في السوق المصرية، بل استطاع فقط إبرام مزيد من الاتفاقيات التي تُسهّل الاستثمارات، وفي مقدّمتها اتفاقية لمنع الازدواج الضريبي. كما أجرى مناقشات حاول خلالها طمأنة المعنيّين إلى عدم وجود أيّ عوائق أمام إخراج أموال المستثمرين حال رغبتهم في ذلك. وجهد، مدبولي خلال لقائه أمير قطر ورئيس الحكومة القطرية والمستثمرين القطريين، في تأكيد انتهاء جميع المشكلات بين السلطات المصرية والمستثمرين، وعلى رأسها ما يتّصل بحرية خروج أرباح الشركات التي أُسّست في مصر، مدافعاً بأن حكومته لم تعطّل سحْب أيّ أموال حتى في ظلّ الضغوط التي تعرّضت لها مع بداية الحرب الروسية – الأوكرانية، ومتعهّداً بإنهاء التذبذب في سعر صرف الجنيه خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

وتنتظر القاهرة من الدوحة استثمارات بنحو 5 مليارات دولار، ترغب الأخيرة في تخصيصها لإدارة وتشغيل موانئ مصرية، والحصول على حصّة الحكومة المصرية في شركة “فوادفون مصر” للاتصالات، إلى جانب بعض الشركات الرابحة. لكن هذه الاتّفاقيات معلَّقة حتى إشعار آخر، بسبب الخلاف القائم بين الجانبَين حول النسبة التي ستحصل عليها قطر في كلّ شركة. وعلى رغم أن مذكّرات التفاهم التي وُقّعت في مجال الصحة، سيَتبعها ضخّ استثمارات قطرية في هذا المجال عبر شركات خاصة، إلّا أنها لا تُعدّ الهدف الرئيس للحكومة المصرية التي تسعى إلى إنشاء صندوق استثماري مشترك مع قطر، جرى استعراض ملامحه وخطوطه العريضة في زيارة مدبولي للدوحة، في وقت طلب فيه المسؤولون القطريون فرصة لدراسته بشكل متأنّ، مع التأكيد أن الردّ سيكون سريعاً استجابة لمطالبات الحكومة المصرية.

وفي المجمل، تبدو دول الخليج عموماً، لا قطر وحدها، غير مقتنعة بقدرة الحكومة المصرية على الوفاء بالتزاماتها مقابل ضخّ الاستثمارات لصالحها بشكل سريع، على الرغم من التنازلات العديدة التي جرى تقديمها في الأسابيع الماضية، وآخرها الموافقة على التعامل مع كلّ صفقة سيتمّ إبرامها بشكل منفرد، وتحديد سعرها بالجنيه أو الدولار، في ما يمثّل حلّاً وسطاً يُرضي المصريين والخليجيين على السواء. ويتيح هذا الحلّ لدول الخليج، حال اختيارها الدفع بالجنيه وليس بالدولار، التسديد بالعُملة المصرية بعد تحويل الأموال في البنوك المحلّية، علماً أن تلك الدول كانت رفضت ضخّ استثمارات بسعر صرف غير عادل، فيما تمسّكت الحكومة المصرية في المقابل بالمحافظة على سعر الصرف الحالي.

على أن مدبولي لم ينجح، في زيارته إلى الدوحة، في تسريع وتيرة الاستثمار، وهو عين ما آلت إليه جولة وزيرة التخطيط ونائبة رئيس الحكومة، هالة السعيد، على دول “مجلس التعاون الخليجي“. وسيدفع ذلك، مصر، إلى تسريع وتيرة الاقتراض من الأسواق الدولية قُبيل العودة إلى دول الخليج مجدّداً، في ظلّ تعثُّر المفاوضات مع الإمارات وقطر، وإغلاق السعودية أبوابها، وجمود الموقف الكويتي المطالِب بمزيد من الإصلاحات التشريعية قبل ضخّ أيّ استثمارات جديدة.

وفي الانتظار، تشتدّ وطأة الأزمة الاقتصادية الحالية، خاصة مع عودة التضييق على عمليات الاستيراد من الخارج، في أعقاب إنهاء تكدُّس البضائع في الموانئ المصرية في الأسابيع الماضية. إذ توقّفت البنوك عن فتْح اعتمادات الاستيراد بالدولار للشركات في الأيام الفائتة، في وقت عاودت فيه السوق الموازية نشاطها، وسط توقّعات بتخفيض جديد لقيمة الجنيه خلال الأيام المقبلة. وعلى هذه الخلفية، اضطرّت العديد من الشركات إلى تقليص أنشطتها، وفي مقدّمتها شركات استيراد السيارات التي يُتوقّع أن تسجِّل مبيعات هي الأسوأ في تاريخها خلال الربع الأول من عام 2023، مع تراجُع المبيعات بنسبة 70% خلال الربع الأخير من العام الماضي.

 

صحيفة الأخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى