افتتاحية الموقع

سر الملكة : الحفاظ على محركات الدولة شغالة جيدا

‏لم تمارس الملكة إليزابيث الثانية في حياتها مهنة غير الحكم سوى مهنة الميكانيك واصلاح المحركات. حيث تطوعت وهي شابة أثناء الحرب العالمية الثانية. وعملت في إصلاح محركات السيارات الشاحنات التابعة للجيش. فهل صحيح أنها تأثرت بهذه المهنة طيلة حياتها؟؟ وهل صحيح أنها بحس الميكانيكية الماهرة استطاعت الحفاظ على محركات الحكم الملكي البريطاني شغالة بشكل جيد؟؟ وكان مهما” دراسة جوهر سياساتها وحكمها. وهي التي استمرت على العرش أكثر من 70 عاما”. وشاهدت أحداث عالمية و وطنية كثيرة ومتنوعة. و حافظت خلالها على محركات الدولة شغالة جيدا

‏لا شك أن اليزابيث حافظت على النظام الملكي. عبر اعتبار (الموسساتية) هي المحرك الأساسي للحكم. حافظت على مؤسسة التاج. وعلى مؤسسة الدستور (غير المكتوب). وعلى مؤسسات الحكومة. وبذلك استطاعت توسيع دول الكومنولث الخاضعة للتاج البريطاني إلى 57 دولة. ورغم تطور الأزمان حافظت على 15 دولة في إطار الكمنولث بينها كندا واستراليا. والتزامها ب (الموسساتية) جعلها تلتزم الحياد بين أطراف وقوى مجتمعها السياسية. ولم تظهر في حياتها أي ميل او عاطفة تجاه أي طرف. حتى أن هناك من يقول من المتابعين أنهم لم يستطيعوا أن يعرفوا رأيها بالرئيس ترامب أو أوباما .ورغم حياديتها كملكه فوق الصراعات السياسية. كان لها (مجلس الملك السري) الذي يصدر لها المشورة .ويساعدها على رؤية ما يجب القيام به. وهو مجلس مؤلف من كبار الخبراء والقانونيين والسياسيين و الاقتصاديين. وبتعاملها الموسساتي مع هذا المجلس. حولت اليزابيث الملك من حاكم منفرد. مطلق السلطان. يحكم بما يراه و يهواه. إلى شخصية موسساتية تضم عقولا” ومفكرين. وتحكم من خلالهم عبر الرؤية التي تستمدها منهم .

‏وفي تجربة اليزابيث يمكن متابعة التغيير السلس الذي حول مفهوم الاستعمار العنيف. إلى رابطة التعاون في الكومنولث. كما يمكن ملاحظة التزام الملكة بدفع الضرائب المترتبة على ما تنتجه أملاكها. وهناك مسألة تخفيض النفقات الملكية التي قامت بها إليزابيث.

‏التزام اليزابيث الموسساتية والتغيير السلس. والحياد الوطني الإنساني. جعلها أيقونة بنظر معظم الشعب البريطاني. وباتت رمزا” للهوية الوطنية البريطانية. تصوروا حكم ملكي يصبح هوية شعب عصري متمدن مثل الشعب البريطاني وفي الألفية الثالثة. ويبدو أن السر فعلا” في أن الملكة عملت كميكانيكية في صيانة محركات الحكم. كي تبقى شغالة وفاعلة بشكل جيد جدا”. وهناك من يرى أن الملكة تحولت من ميكانيكية لمحركات الدولة. إلى المحرك الاساسي لموسساتية الدولة. وهذا ما مميزها وأعطاها هذا الوهج في زمن لم يعد للأنظمة الملكية أي وهج او قبول.

‏تجربة إليزابيث خاصة في الحفاظ على محركات الدولة شغالة جيدا” عبر الموسساتية و الحياد الوطني. جعلها عنصر جمع سياسي لشعبها. وطاقة تفعيل وطنية في أمتها. وهذا اهم شئ. وكل شئ. في وظيفة أي حاكم. سواء كان ملكا” أو غير ملك…. حتى لمن لا تعجبه الملكية و لا يؤيدها . فإن في تجربة إليزابيث الكثير من الدروس السياسية. و أهمها الحفاظ على محركات الدولة شغالة بشكل جيد ….

 

بوابة الشرق الاوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى