بين قوسين

عظمة على عظمة .. يا ست

جولي الياس خوري

(( مهما تمردنا .. كم  نحن نتغير  ونعود الى الجذور .. ))

كانت ام كلثوم على ايامنا مرتبطة بباص الكرنك وهو شركة النقل التي كانت تقلنا بين المحافظات السورية. فعندما كنت اسافر مع اهلي من الشام الى حلب ولمدة ٥ ساعات متواصلة وسائق الحافلة  يضع شريط ام كلثوم  ..والتي كانت  وسيلة التسلية الوحيدة .. ام  كلثوم ولخمس ساعات !!!!! لم تكن  تعني لي شيئا في وقتها وانا طفلة .. مراهقة غير انها مملة  وتعيد وتعيد ولا تنتهي الاغنية  .. كانت عبارة عن شيء مرتبط بشيء عتيق .. اهلي يحبونها  .. وأنا اقول واعبر ((  أوف .. مملة وقديمة )) .

الذوق الفني الذي كان لزاما علينا ‏أن نرفضه لنكون  حديثين متطورين .. (( راغب علامة ، عمر دياب،  حتى هاني شاكر كان صرعة وموضة باغانيه ‏التي تعبر عن الحب المفقود والموعود .. واكيد اكيد مايكل جاكسون والاغاني الاجنبية ‏التي كنا نصدح بها لنظهر ‏أننا ‏عصريون و موديرن واخر صرعة وموضة..

كبرنا .. وصغرت الفجوة .. وصارت ام كلثوم ذكرى لأيام حلوة .. وذكريات ‏عائلية .. باص يوصلنا بالأهل والأحباب .. سهرات البسط والضحك والفرح  .. اغاني الزمن الجميل ..  صارت متعة ان  اسمع ام كلتوم وأعيش ‏الأغنية والمعنى والموسيقى .. وتعيد نعم  تعيد .. وتعيد وتعيد  اليوم ..  صارت ام كلثوم مرتبطة بشيء حقيقي دافيء .. حلو ‏كثيرا .. صغرت الفجوة .. وصار التمرد والرفض .. شوق وحنين وذكريات وايام حلوة  ‏كثيرا  .. !!!

العبرة .. ‏انه عندما يكون هناك دفء والفة في ‏العائلة ‏لا تخف من مراهقة وتمرد ‏الاولاد لفترة ‏من الزمن واعتبارهم الأهل موضة قديمة ومتخلفين ..لا يجب ‏علينا كمراهقين أن نطيعهم أو نسمع كلامهم ونتبع نهجهم  ‏وان نعمل  عكس ما يقولون لنا  لنثتب اننا  نحن ‏متقدمون ‏ومتفوقون  وثوريون ..

لكن  الجذور القوية ‏المليئة حب وحنان .. ‏ستظهر مع العمر والوقت ..  ‏وستغلق هذه الفجوة ..

(( وبعيد عنك .. حياتي عذاب .. ما تبعدنيش بعيد عنك .. وماليش غير الدموع احباب معاها بعيش بعيد عنك .. غلبني الشوق .. تيرارا .. وغلبني .. آاااه ..وليل البعد دوبني ))

الله يا ست.. عظمة على عظمة..

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى