فن و ثقافة

فيلم سكورسيزي الجديد وعهد الإرهاب الرأسمالي !!

د.فؤاد شربجي

أنجز المخرج العالمي مارتن سكورسيزي فيلمه الجديد ( قتلة زهرة القمر)، وبعد مشاركته في مهرجاني كان ولندن، أطلق الفيلم في الصالات تمهيدا لبثه على منصات التدفق الرقمي. ويعود سكورسيزي في هذا الفيلم ليؤكد ضرورة العودة بالسينما إلى جنسها الفني الثقافي الإبداعي بعيدا عن أعمال المغامرات والخوارق والرومانسيات الرخيصة  و  و ألخ . ولتأكيد نهجه فقد تناول في فيلمه الجديد قضية اجتماعية سياسية اقتصادية في التاريخ الأمريكي، معالجاً (عهد الإرهاب) الرأسمالي الأمريكي الذي يستخدم الجريمة والعنصرية لتحقيق المكاسب والمصالح وسلب الآخرين حقوقهم. لذلك عاد إلى قضية وقعت أحداثها في العام 1920 في ولاية اوكلاهوما وأدت إلى جرائم متعددة ومتتابعة أدت الى ولادة مكتب التحقيقات الفيدرالية . قضية مجتمع عانى ويعاني من إرهاب الرأسمالية المجرمة .

فيلم سكورسيزي الجديد وعهد الإرهاب الرأسمالي !!

‏القصة تتناول مجتمع قبيلة ( اسيدج ) من السكان الأصليين  تعيش في ولاية اوكلاهوما. حيث ظهر في الأرض المخصصة للقبيلة النفط. و لاسكات القبيلة أعطيت( أتاوات)

سيارة لقاء النفط المستخرج من أرضهم. كانت توزع على أفراد القبيلة بالتساوي وسميت ( حصص الراس) كل فرد رأس وله حصة. وبذلك بدأ بعض أفراد القبيلة يعيشون مظاهر الرفاهية من امتلاك سيارة إلى ارتداء ملابس الموضة إلى  إلى  إلى  ألخ. ولكن بالمقابل فإن العنصريين البيض زعموا أن هؤلاء السكان الأصليين (غير قادرين على إدارة شؤونهم المالية). وبدأت السلطات تضع (اوصياء) على أموال كل عائلة.

وفوق هؤلاء الاوصياء بدأت تنتشر عمليات قتل أفراد القبيلة اما باالسم أو الرصاص أو الشنق أيضا. وانتشرت الجريمة بشكل واسع لإرهاب القبيلة. وسمي هذا الزمن في أمريكا رسميا (عهد الإرهاب) الأمر الذي ادى إلى ولادة مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي تابع هذه الجرائم وقام بالتحقيق فيها.

‏المخرج سكورسيزي و بالاعتماد على كاتب السيناريو المبدع ( إيريك روث) وبالمشاركة مع النجم ليوناردو دي كابريو أيضا. استطاع أن ينجز عملاً سينمائياً روائياً تحقيقياً تاريخياً أيضا. عبر رصد المجتمع في مرحلة معينة. وعبر الغوص في الصراع ضمن قضية مؤثرة. وكما يقول سكورسيزي فإنه، بالإستناد إلى سيناريو ناجح وعميق روائياً وأبداعياً، استطاع تحقيق فيلم سينمائي روائي يعتمد (الواقعية الإبداعية) التي تقدم صورة مؤثرة في وجدان المشاهد عبر سياق درامي يزرع الإقناع في ضمير المتلقي .و بذلك يقدم سكورسيزي عبر نجوم التمثيل أداء فائقا مع تصوير مبهر ومدروس ومؤثر أيضا. كما مع موسيقى معمقة للحدث، والنتيجة فيلم روائي جذاب وإبداعي بفكره وفنه أيضا. وهذا ما يمكن أن يعطي لكلاسيكية الفن الواقعي (معنى الخلود)

انه الفن الدرامي العميق الجذاب المؤثر و الممتع . . .  والخالد !!!!

 

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى