كلمة في الزحام

قطط فبراير لا تعرف صالات الأفراح

 

موسم تزاوج القطط، لم ينته بعد، وأغلب الظن أنه قد يطول ويمتد هذا العام بسبب وفرة هذه الكائنات التائهة في حينا الشعبي، بالإضافة إلى استمرار موجة البرد التي تدفع نحو البحث عن لحظات دفء لا يوفرها إلا ” الحب“.

ومثل حالة المجتمعات البشرية، فإن الفقر والخصاصة والفراغ، أمور تشجع على التزاوج ورفع نسبة “الكثافة السكانية” في عالم القطط والكلاب المشردة.

قطط الصالونات المدللة تُحرم، عادة، من مثل هذه المغامرات العاطفية الآسرة على الأسطح وتحت حاويات القمامة، لكن كثيرا منها يتمرد على انتمائه الطبقي فيغادر جدران المنزل ودفئه ليلتحق بأترابه في الخارج أثناء شهر فبراير، كما حدث مع قطة صديقي ذات الأصول السيامية النادرة.

لم تستطع القطة الناعمة مقاومة نداءات الغواية ـ وحتى حالات التحرش ـ التي يطلقها الذكور من بني جنسها فشقت عصا طاعة سيدها والتحقت بهذا العرس الجماعي في الخارج، غير آبهة بالبرد، وغير آسفة على رغد العيش الذي كانت ترفل فيه.

دخلت القطة المدللة في مغامرة عاطفية متهورة مع قط صعلوك فتعلمت منه الركض والقفز والنط بين الأزقة الضيقة والمظلمة، المواء بصوت هادر، أما الأكثر من ذلك فقد تعلمت منه كيفية تحصيل قوت نفسها بنفسها، حتى أنها اضطرت أن تكون نباتية في حالات العوز والضنك.

رفضت القطة المتمردة القبول بقط سيامي جاء به سيدها لتزويجها منه رغبة في الحفاظ على عرقها الأرستقراطي، وتعلقت بقط ولدته أمه تحت حاوية، ولكنه لا يأكل إلا من ” عرق مخلبيه” بعد يوم طويل من التسكع والخناق مع أقرانه في الحي الشعبي.

ذكّرت الهرة الصغيرة سيدها بمعاني الحرية و” الانفتاح الطبقي ” في مجتمع القطط الذي يحب أفراده بعضهم بعضا دون إذن مسبق، يتزوجون دون مهور وعقود، يحملون وينجبون دون حسابات ضيقة، وينفصلون دون أحقاد وأحكام قضائية ونفقات طلاق.

البشر، وعلى عكس بقية الكائنات من قطط وأسماك وطيور وزهور، لا يتناسلون بحسب المواسم، لذلك تتعقد طبيعة العلاقات وتفاصيل الحياة لديهم، مما يجعل العقود والاتفاقيات هي المتحكمة في كل صغيرة وكبيرة. وتمسي الحياة لدى الناس كمّا هائلا من الأوراق الرسمية في الولادة والعيش والعمل والمرض والموت.

الإنسان ـ هذا الكائن الورقي ـ يريد أن يصبغ تعلقه وهوسه بالورق على الكائنات الأخرى، فجعل لبعض فصائل الحيوان النادرة بطاقات هوية مثل ما حدث مع قطة صديقي التي تركت صورتها مثبتة على بطاقة تعريفها كنوع نادر من القطط ذات السعر الغالي، والتحقت ببني جنسها غير آبهة بعرقها وفصيلتها النادرة.

بوابة الشرق الاوسط الجديدة 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى