مظاهرات الجمعة تختبر صمود بوتفليقة

 

تسود الجزائر حالة ترقب عشية التظاهرات المقررة الجمعة، لتبين ما إذا كان اقتراح المسؤولين الجزائريين القاضي بعزل الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة وفق المادة 102 من الدستور، كافيا لتهدئة الشارع أم أن المحتجين سيتمسكون بالمطالبة برحيل النظام بأكمله.

وأعلن تجمع أمل الجزائر (إسلامي) الذي يقوده الوزير السابق عمر غول وهو أحد أحزاب الائتلاف الرئاسي بالجزائر الخميس، تأييده لمقترح قيادة أركان الجيش بإعلان شغور منصب رئيس الجمهورية، كحل للأزمة التي تشهدها البلاد وحسب نفس المصدر، فإن تطبيق المادة 102 من الدستور يمكن أن تشكل مساحة من الحل”، لكنه اشترط أن يحدث توافق بشأنها بين مختلف مؤسسات الدولة والطبقة السياسية والحراك الشعبي، إلى جانب تشكيل حكومة توافق قبل تطبيقها.

وبينما اعتبرت أغلب قوى المعارضة في البلاد الدعوة خطوة غير كافية لتلبية مطالب الشعب، أعلنت أحزاب من الموالاة دعمها للخطوة، في وقت يلتزم فيه حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم الذي يرأسه الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة الصمت إزاء الدعوة. وكان رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح دعا الثلاثاء إلى تفعيل إجراء دستوري لتنحية بوتفليقة من السلطة وسرعان ما انضم إليه المسؤولون الذين طالما تحمّسوا لبقاء رئيس الدولة في الحكم وهي الأحزمة السياسية التي شكّلت دعما قويا لبوتفليقة على مدار عقدين من حكمه.

وتبين أن الذين شكلوا كتلة متراصة لدفع الرئيس بوتفليقة للترشح لولاية خامسة، أصبحوا اليوم ينأون بأنفسهم من هذا المطلب الذي كان الشرارة التي أشعلت الاحتجاجات وبعد رئيس الأركان جاء دور حزب التجمع الوطني الديمقراطي، أحد ركائز التحالف الرئاسي الحاكم للتخلي عن بوتفليقة من خلال طلب استقالته الذي أطلقه أمينه العام أحمد أويحيى ورئيس الوزراء المُقال قبل أسبوعين وحتى الأمين العام للإتحاد العام للعمال الجزائريين عبدالمجيد سيدي السعيد، أحد أكثر المادحين للرئيس والداعين لاستمراره في الحكم رغم مرضه، أعلن أنه يدعم اقتراح الجيش بتنحيتهأما رئيس نقابة رجال الأعمال علي حداد، أحد المقربين من الرئيس وعائلته، فحتى وإن لم يعلن تخليه العلني عن بوتفليقة، فيبدو أنه فقد التحكم في نقابته التي تحولت إلى جهاز سياسي يدعم السلطة الحاكمة وكان من بين أول المنادين بالولاية الخامسة.

وكتب موقع ‘كل شيء عن الجزائر’ الإخباري الخميس، أن أولئك الذين “أيدوه في جميع قراراته وأشادوا بكل أقواله هم أيضا أول من طعنه في الظهر. وحتى قبل أن يسقط بوتفليقة بالكامل، اندفعوا لتسريع سقوطه، دون حياء”، مندّدين بـ “النظام البشع وما زال حزب جبهة التحرير الوطني الذي يرأسه بوتفليقة وصاحب الأغلبية في البرلمان، الوحيد الذي لم يعلن تخليه عن الرئيس، لكن أصوات المنشقين أصبحت مسموعة أكثر فأكثر.

كما كتب الصحافي مصطفى حموش الخميس في تعليق له في صحيفة ‘ليبرتي’، فإن “السلطة هي التي تخلق الداعمين لها وليس الداعمون من يعطي السلطة ويبدو أن مركز السلطة انتقل من رئاسة الجمهورية إلى قيادة الأركان، فمنذ يومين أصبحت صورة الفريق قايد صالح هي التي تتصدر الصفحة الأولى ليومية “المجاهد” الحكومية والتي عادة ما تلعب دور المتحدث باسم السلطة.

وكتبت الصحيفة الخميس إن رحيل بوتفليقة “هو الآن بين أيدي المجلس الدستوري وهو الهيئة الوحيدة لتفعيل” الإجراء الذي اقترحه الفريق قايد صالح لإعلان “ثبوت المانع بسبب المرض الخطير والمزمن”، إلا إذا قرّر الرئيس الاستقالة.

وبعد 48 ساعة من إعلان رئيس الأركان ورغم المواقف الداعمة لها من كل الجهات، مازال عبدالعزيز بوتفليقة رئيسا للجمهورية. وأشارت افتتاحية صحيفة ‘ليبرتي’ أن “حكم بوتفليقة يحتضر حتى وإن حاول فريقه المقاومة ويبقى أن نعرف إن كان عزل الرئيس المريض منذ إصابته بجلطة في الدماغ في 2013، يكفي لتهدئة الاحتجاجات، عشية الجمعة السادسة على التوالي من التظاهر وقبل شهر من نهاية الولاية الرئاسية الحالية لبوتفليقة .

وبحسب صحيفة الخبر الصادرة الخميس فإن “ميزان الحرارة الحقيقي” لقياس “التطورات المستقبلية هو الحراك الشعبي نفسه و في حال بقي متمسكا بمطالبه الأخيرة في تغيير المنظومة سيفرض على الجميع جيشا وسياسيين، مواكبته وتابعت الصحيفة “ستكون الجمعة المقبلة فرصة لاكتشاف التوجه الشعبي العام من تطبيق المادة 102 وما إذا كانت هذه الدعوة قد أحدثت شرخا حقيقيا في الحراك أو لا”.

ورفض العديد من الوجوه البارزة في الحراك الشعبي مثل المحامي مصطفى بوشاشي وكذلك الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، تفعيل المادة 102 كما اقترح رئيس الأركان وهي التي تنص على حالات الوفاة والمرض الخطير والاستقالة وأوضحت رابطة حقوق الإنسان أن الآجال جد قصيرة لضمان تنظيم انتخابات رئاسية حرة ونزيهة، مندّدة بـ”حيلة أخرى” من السلطة “للإبقاء على النظام الذي رفضه الشعب”.

وندّدت صحيفة الوطن من جهتها بـ”الفخ الكبير” محذّرة من “تصديق أن وجوه الماضي ستتبنى آمال المستقبل”، فيما أشارت صحيفة ‘ليبرتي’ أن “النظام أصبح مع رحيل بوتفليقة لكن الشعب مع رحيل النظام”.

والخميس استمر التظاهر اليومي ضد النظام في ساحة البريد المركزي، ملتقى كل المحتجين، حيث تجمع مئات المهندسين والمحضرين القضائيين وبعضهم ردّد الشعار الذي تبناه الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي “بوتفليقة رايح رايح خذ معاك قايد صالح”.

 

 

ميدل إيست أون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى