تحليلات سياسيةسلايد

نِتنياهو حسم أمْره وقرّر إرسال صواريخ ومنظومات قتاليّة مُتطوّرة إلى أوكرانيا

صوّتت دولة الاحتِلال الإسرائيلي لصالح قرار صدر عن الأمم المتحدة يوم أمس يدعم سلامة ووحدة الأراضي الأوكرانيّة ويُطالب روسيا بسحب قوّاتها فورًا، وقال جلعاد أردان سفيرها في المنظّمة الدوليّة “إن إسرائيل ستُساعد أوكرانيا على تطوير أنظمة دفاع جوّي صاروخي تلبيةً لطلبٍ أمريكيّ”، وهذا يعني دعمًا إسرائيليًّا استراتيجيًّا رسميًّا وعلنيًّا لأوكرانيا في الحرب ضدّ روسيا، الأمر الذي يطرح سُؤالًا مُهِمًّا ومِحوَريًّا: كيف سيكون ردّ روسيا ورئيسها على هذا الموقف الإسرائيلي المُنحاز لصالح أعدائها وفي هذا التّوقيت الحَرِجْ جدًّا؟

وكالة بلومبيرغ الأمريكيّة قالت “إن روسيا أبلغت إسرائيل رسميًّا إنها سترد إذا تمّ إرسال صواريخ دفاع جوّي إسرائيليّة، أو صواريخ اعتراضيّة أُخرى إلى أوكرانيا سواءً بصُورةٍ مُباشرة أو عبر “دولةٍ ثالثة”، وأكّدت صُحف إسرائيليّة “أن شركة صناعات أمنيّة إسرائيليّة باعت الجيش الأوكراني منظومات مُضادّة للطّائرات المُسيّرة”، ونعتقد أن دولة الاحتِلال اخترقت كُلّ الخُطوط الحُمر التي تحدّث عنها ديمتري ميدفيديف، نائب الرئيس بوتين في مجلس الأمن القومي، ووصفها بـ”أنّها خطوة طائشة مُتهوّرة، وستترتّب عليها تداعيات خَطِرَة”.

***

لا نفهم لماذا تلجأ القِيادة الروسيّة إلى هذه التّحذيرات بين الحين والآخر لدولة الاحتِلال دون أيّ ترجمة فِعليّة على الأرض خاصّةً بعدما تفاقمت هجمات الطّائرات الإسرائيليّة على سورية، وكانَ آخِرها قصف حي كفرسوسة في قلب العاصمة دِمشق.

فإذا كانت “إسرائيل” تدعم ابن جلدتها وعقيدتها فولوديمير زيلينسكي علانيّةً بالصّواريخ وأنظمة الدّفاع الجوّي المُضادّة للطّائرات والمُسيّرات، وتُنهي حِيادها “الكاذب” في الحرب الأوكرانيّة، فلماذا لا ترفع روسيا الحظر الذي تفرضه على الجيش العربي السوري، وبِما يسمح له باستِخدام بطّاريّات صواريخ “إس 300” بل وتزويده بمنظومات “إس 400” الأكثر تطوّرًا لوَضعِ حَدٍّ لهذه العربدة الإسرائيليّة الاستفزازيّة لها، وللسّلطات السوريّة معًا.

إيران لم تتردّد مُطلقًا في تزويد حليفها الروسي بآلاف الطّائرات المُسيّرة، والصّواريخ الدّقيقة التي غيّرت مُعادلات الحرب الأوكرانيّة الميدانيّة لصالح هذا الحليف، فلماذا لا تتعاطى روسيا وقِيادتها بالمِثل، وتقف إلى جانب الحليف السوري الذي فتح لها أراضيه على مِصراعيها لإقامة قواعد عسكريّة بريّة وبحريّة مُنذ أكثر من عشر سنوات؟

إيران، وحسب تقرير لتلفزيونها الرّسمي أعلنت اليوم أنها ستبيع سورية منظومات صواريخ أرض جو لمُساعدة جيشها على تعزيز دفاعاته الجويّة، وبِما يُمكّنه من التصدّي للهجمات الجويّة الإسرائيليّة وفوق ذلك إعادة بناء شبكة دِفاعها الجوّي بقذائفٍ دقيقة لتزويد طائراتها وبِما يُعزّز كفاءتها العمليّاتيّة تطبيقًا لاتّفاق الدّفاع المُشتَرك بين البلدين الذي جرى التوصّل إليه وتوقيعه في الأشهُر الأخيرة.

كُنّا، وما زِلنا نتوقّع أن تحذو روسيا الحذو نفسه، وترد على هذا الانحِياز الإسرائيلي العلني إلى جانب أمريكا وحِلف النّاتو في الحرب الأوكرانيّة، وفي أسرعِ وقتٍ مُمكن، ونأمل أن لا يطول انتِظارنا، لأنّ القصف الصّاروخي للطّائرات الإسرائيليّة بات يستهدف أحياءً في قلب العاصمة السوريّة، سواءً بهدف تنفيذ أعمال اغتِيال لشخصيّاتٍ إيرانيّة أو لُبنانيّة أو فِلسطينيّة وربّما سُوريّة أيضًا، وأدّت الغارة الأخيرة إلى استِشهاد ما يَقرُب من 15 شخصًا من بينهم نساء وأطفال.

لا يُخامرنا أدنى شك بأنّ الرّد الروسي على هذا “العُقوق” الإسرائيلي غير المُفاجئ لنا على الأقل، ويتمثّل في دعم الجيش الأوكراني بأسلحةٍ استراتيجيّة، وانسِحاب القوّات الروسيّة فورًا من أوكرانيا سيأتي وقد يكون مُزَلزِلًا، وبِما يُؤدّي إلى وضعِ حَدٍّ للعُدوان على سورية، ودعم مُقاومة الشّعب العربي الفِلسطيني في مُواجهة المجازر والإعدامات الإسرائيليّة المُتصاعدة في حقّه.

***

روسيا تملك أوراقًا قويّةً يُمكن أن تُؤذي الكيان الإسرائيلي، فعلاوةً على دعم سورية وإيران والمُقاومة الفِلسطينيّة واللبنانيّة لكُلّ احتِياجاتها من الأسلحة والخُبرات العسكريّة، يتواجد لها في فِلسطين المُحتلّة أكثر من مِليون مُواطن روسي نِصفهم من “غير اليهود” وهاجروا إلى “إسرائيل” لأسبابٍ اقتصاديّةٍ محضة، في ظِل أزَمة الانهِيار الاقتِصادي في روسيا بعد تفكّك الاتّحاد السّوفييتي، وهؤلاء يُمكن توظيفهم فورًا في أعمالٍ انتقاميّة، إذا أرادت القِيادة الروسيّة، خاصّةً أنّ الأوضاع الاقتصاديّة الإسرائيليّة مُقدِمَة على تدهورٍ كبيرٍ بسبب الانقِسامات الداخليّة والعمليّات الفدائيّة الفِلسطينيّة.

بنيامين نِتنياهو يستعدّ لشدّ الرّحال إلى كييف في غُضونِ أيّامٍ أو أسابيع على الأكثر لإظهار التّضامن مع زيلينسكي، حسب العديد من التّسريبات الإسرائيليّة الإعلاميّة، الأمر الذي يُشَكّل تحدّيًا خطيرًا “لصديقه” بوتين شخصيًّا، فهل سينتظر الرئيس الروسي حتّى إتمام هذه الزّيارة التي ستُشَكّل طعنةً مسمومةً في صدره، أم أنّه سيتحرّك ويُعطي السّلاح والضّوء الأخضر لسورية للرّد على العُدوانات التي تستهدفها؟

نأمَل أن لا يطول الانتِظار للحُصول على هذه الإجابة، وأنّنا على ثقةٍ بأنّها لن تتأخّر، لأنّ التّأخير ليس في مصلحة روسيا نفسها، كما أنّه ليس في مصلحة سورية، التي طال “صبْرُ أيّوبها” وكظْمها للغيْظ، وربّما يُفيد التّذكير بِما قاله سيرغي لافروف وزير الخارجيّة وهو أنّ مُعظم العرب، والشّعوب خاصّةً، يقفون في الخندق الروسي في الحرب الأوكرانيّة.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى