هل خسر أردوغان كل أوراقه في سوريا

 

يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خسر كل أوراقه في سوريا بعد أن تعرضت بلاده لأسوأ نكسة منذ تدخلها العسكري دعما للمعارضة السورية، فالضربة الأخيرة التي قتل فيها 33 جنديا تركيا كشفت هشاشة وضع القوات التركية ومحدودية خيارات أردوغان في مواجهة حرب استنزاف خاصة إذا طال أمد المواجهة مع القوات السورية المدعومة من روسيا.

ويجد أردوغان نفسه بالفعل في ورطة في ادلب بشمال غرب سوريا، حيث سيكون من الصعب عليه قلب ميزان القوى الذي تميل كفته للنظام السوري المدعوم من روسيا وشكلت هذه الحصيلة الثقيلة والتي ترفع عدد الجنود الأتراك الذين قتلوا في سوريا إلى أكثر من 50، ضربة موجعة للقوات التركية ولآمال أردوغان بتحقيق نصر في ادلب بعد يوم واحد من إعلانه أن التدخل العسكري التركي قلب موازين القوى في معركة ادلب آخر معقل لفصائل سورية معارضة مدعومة من تركيا.

ورغم شنها عمليات ردّ دامية ضد قوات النظام السوري، إلا أن أنقرة أمام خطر خسارة كبرى إذا دخلت بمواجهة طويلة الأمد لعدم إمكانية الاعتماد على دعم غربي حاسم ولعب أردوغان مرة جديدة ورقة المهاجرين في محاولة منه الحصول على المزيد من الدعم من الاتحاد الأوروبي بمواجهة روسيا حليفة دمشق القوية، فقد أعلنت أنقرة أنها لن توقف بعد اليوم المهاجرين الراغبين بالوصول إلى أوروبا معيدة إلى الأذهان مرحلة أزمة الهجرة الخطيرة في عام 2015.

وتعتبر جنى جبور الخبيرة في الشؤون التركية في معهد الدراسات السياسية في باريس أن “تركيا لا تملك الوسائل العسكرية ولا الموارد البشرية الكافية لمواصلة التصعيد الجاري في إدلب وبالإضافة إلى الجانب العسكري، على الرئيس التركي أن يأخذ بعين الاعتبار الرأي العام في تركيا “الذي قد ينقلب ضدّه إذا ارتفع عدد قتلى العسكريين الأتراك في سوريا”، وفق جبور.

وأضافت الباحثة “التهديد بفتح حدود أوروبا أمام المهاجرين وسيلة فعالة جدا لممارسة ضغوط على الاتحاد الأوروبي الذي يشكّل كل تدفق إضافي للمهاجرين إليه سيناريو كارثيا”.

 

وأدى التصعيد الأخير في إدلب المعقل الأخير لفصائل مسلحة مدعومة من أنقرة ومجموعات جهادية، إلى انهيار محاولات أنقرة وموسكو اللتين تتعاونان بشكل وثيق منذ 2016 على وقف المعارك في سوريا رغم اختلاف مصالحهما.

وبعدما طلبت دون جدوى نشر منظومة باتريوت الدفاعية الأميركية على أراضيها، حضت أنقرة المجتمع الدولي على إنشاء منطقة حظر جوي في شمال شرق سوريا لمنع النظام السوري وحليفته روسيا من شن ضربات.

وعقد ممثلون عن الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي اجتماعا طارئا الجمعة بطلب من تركيا بموجب البند الرابع للاتفاقية المؤسسة للحلف وينص البند على أن أي دولة “تعتبر أن هناك تهديدا على سلامة أراضيها واستقلالها السياسي أو أمنها”، يمكنها تفعيله لكن دول الأطلسي لم تعلن عن أي إجراء ملموس في ختام الاجتماع، مكتفية بإعلان تضامنها مع أنقرة.

ويعتبر مدير مركز ‘إيدام’ للدراسات في اسطنبول سينان أولغن أن فرصة تركيا في الحصول على دعم عسكري من الحلف الأطلسي ضئيلة، خصوصا بعد إثارة استياء حلفائها بتقاربها مع موسكو وحيازتها على منظومة الدفاع الجوي الروسية ‘اس-400’.

وقال إن تركيا لا تملك أي “خيار مناسب” في سوريا، موضحا أن ضربات النظام الخميس “كشفت هشاشة موقع تركيا لغياب تفوقها الجوي“، مضيفا “بمعنى آخر، تبقى القوات التركية مكشوفة أمام ضربات جوية ووفق أولغن وفي هذا السياق، يمكن أن تجد تركيا نفسها مرغمة على قبول ترتيبات تتفق عليها مع روسيا، تتيح لها السيطرة على “منطقة صغيرة على طول الحدود التركية تتكدس فيها القوات التركية ونحو مليون نازح سوري”.

ويقول الباحث في مركز ‘كارنيغي الشرق الأوسط’ يزيد صايغ إن “أردوغان يواجه اليوم خيارات شديدة الصعوبة تتضمن جميعها مخاطر هائلة. لا يستطيع أردوغان إلا الرد على الهجمات المباشرة للنظام، لكن عليه في الوقت نفسه أن يتفادى المضي بعيدا في التصعيد”.

وأضاف الباحث أن التصعيد الحالي رغم حجمه يبقى “ربما مجرد تكتيك مفاوضات عالي المخاطر سيؤدي إلى تفاهم روسي تركي جديد حول إدلب”، موضحا “باختصار، لا أعتقد أن حربا شاملة ستقع أو أن تركيا ستتقرب مجددا من حلف شمال الأطلسي”.

 

 

 

ميدل إيست أون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى