وقفة مع “عرس الجليل”
“عرس الجليل” فيلم أنجزه ميشيل خليفي كتابة وإخراجا في النصف الأول من ثمانينيات القرن المنصرم بعد عملين وثائقيين هما “الذاكرة الخصبة” (1980). و”معلول تحتفل بدمارها” (1985) ومن بطولة جوليانو مير خميس، مكرم خوري ويوسف أبو وردة. التأليف الموسيقي كان لجان ماري سينيا.
حاز هذا المنجز الروائي الأول لصاحبه على عدد من الجوائز الدولية.
منها “الصدفة الذهبية” في مهرجان سان سبستيان، و”جائزة الاتحاد الدولي للصحافة السينمائية” (الفيبريسي) في مهرجان كان عام 1987. وجائزة “التانيت الذهبية” في مهرجان قرطاج عام 1988.
السينمائيّ المولود في الناصرة سنة 1950، انتقل عام 1970 إلى بروكسل وانتسب هناك إلى “المعهد الوطني العالي لفنون المشهد وتقنيات البثّ”. المعروف باسم “معهد إنساس” (أحد أبرز المعاهد الأوروبية والغربية في تدريس السينما).
متخرّجاً منه في العام 1977 بشهادة دبلوم في الإخراج المسرحي وفي شؤون الإذاعة والتلفزيون “كنتُ أهوى المسرح، لكني أرفض العمل فيه، لأني غير متعلّم. التجربة التي قمتُ بها لم تُقنعني. لهذا أدركتُ ضرورة العلم”.
يقول خليفي في حوار صحافي مع الناقد الأردنيّ عدنان مدانات “جئتُ إلى السينما متأخّراً من حيث العمر. في الـ21 من عمري علمتُ أنه يُمكن دراسة السينما.
هذا خَلَق مسافة بيني وبين السينما. بمعنى ما، سمح لي بالنظر إلى السينما بصورة كلية. ومحاولة فهم أبعادها ودورها التاريخي…
و لم تكن المسألة قضية أسلوبية، بمعنى صنع فيلم على غرار الواقعية الجديدة أو غيرها.
لا يمكن أن أتحدّث عن تأثير سينما محدّدة، بل عن سينما عالمية. لهذا، يجب الخوض في التجارب الإنسانية.
“عرس الجليل” فيلم يشبه شخصياته وصانعه في البعد عن الاصطناع .والتكلف وميله إلى الروح المرحة التي يتمتع بها خليفي البعيد عن التجهم و”العبوس الثوري” الذي ظل مرافقا للدراما الفلسطينية باسم الالتزام بالقضية.
ولعل ميشيل هو أول من فتح الباب لسينما فلسطينية مرحة وبعيدة عن الرصانة المفبركة .كما هو الحال بالنسبة لإيليا سليمان الذي تفطن إلى دور الكوميديا في خدمة هذه القضية الإنسانية. التي فشل الكثير في التعريف بعدالتها بسبب أحادية نظرتهم وبعدها عن النفاصيل المجتمعية.
كل هذا كان يحدث أمام كاميرا رشيقة توغل في التفاصيل وتهتم للجانب التشكيلي .و إبراز الهوية البصرية لفلسطين بعيدا عن النظرة الاستشراقية.