شرف لا ندّعيه
شرف لا ندّعيه… قال لي أحد الأشقاء العرب من المخدوعين بـ ” الفوضى الخلاّقة ” والآملين بالعسل من أعشاش الدبابير ” أنتم ـ معشر القوى اليسارية والقومية والليبرالية في تونس ـ علمانيون أكثر ممّا يجب ؟
قلت كيف ؟…ياريت …هذا شرف لا ندّعيه …
قال، ألا ترى أنّ غالبية الناس لديكم تساند الأنظمة والحكومات التي لم تعصف بها رياح الربيع العربي ما عدا الحركات الاسلامية ، مع أنكم السبّاقون …ممّا يؤكد يقيني أنّ القوى الدينية هي الأكثر التصاقاً وقراءة للواقع والأقدر على التغيير…وعليه فإنّ واجباً على كل من يزعم أنه من التيارات الديمقراطية أن يعيد حساباته ويقدّم نقده الذاتي أمام حقيقة لا تقبل الجدال وهو أنّ مستقبل شعوبنا هو ” الاسلام السياسي ” …نقطة انتهى ,,,” وأغلق صديقي نافذة ” الحوار” في صفحته الفيسبوكية، ثمّ تركني في حيرة من أمري مع مثل هؤلاء الطبّالين في أعراس لم تبعث لهم أصلاً ببطاقة دعوة والراقصين أمام زفّة يجهلون أصحابها وأطرافها الحقيقية .
اعلم يا صديقي أوّلاً أنّ ” تهمة العلمانية ” مازالت أمنية مشتهاة في مجتمعاتنا “الغلبانة” ، والتي ينخرها الفكر الغيبي والظلامي فتدفع بخيرة شبابها قطعاناً مع فلول السلفية الجهادية المتفانية في تنفيذ ما لم يكن يحلم به ألدّ أعدائنا، ذلك أنّ التفكير والسلوك العلماني هو الوحيد الذي يكفل احترام الدين كشأن شخصي ويحيّده بعيداً عن كل المستنقعات والتجاذبات السياسية …وليس إلحاداً ـ والعياذ بالله ـ كما يريد الجهلة تصويره عن قصد أو غباء، مع أنهم يعملون في خدمة جهات تتبنى “العلمانية ” لشعوبها وتتمنّى الظلامية والاقتتال الطائفي لمجتمعاتنا .
كيف لي يا أخي في العروبة والإسلام وشقيقي في الانسانية وشريكي على هذا الكوكب أن أساند ” ثائراً ديمقراطياً ” يقطع الرؤوس، يبيد النسل، ويفسد النفوس ، ويزرع الحقد ويدمّر أنبل الحضارات وأعرق الثقافات …أي وطن هذا الذي سوف “أبنيه معه بسلام وأؤمّن فيه العيش لأطفالي؟”
اعلم يا صديقي أنّ البسطاء قبل غيرهم من شعبنا الطيّب في تونس هم الذين كانوا ” علمانيين بالسليقة ” ـ وكما يجب ـ فتحرّكوا لطرد عصابة “النهضة الاسلامية ” من الحكم بعد أن تفطّنوا باكراً لحجم المؤامرة التي تحاك ضدهم خلف البحار وبدأت بتجنيد فلذات أكبادهم في معسكرات الحقد على الشعب السوري قصد إضاعة البوصلة الحقيقية لتنتهي بزعزعة الأمن وزرع ألغام الفتنة والإرهاب على هذه الأرض التي يكنّ شعبها ويعترف بالجميل لسورية الجميلة شعباً وحضارة وتاريخاً ….وإصراراً على الكرامة .
كلمة في الزحام: … لا تغلق نافذة الرؤية والحوار يا صديقي، قد تلغيني من صفحة “تواصلك” الاجتماعي والافتراضي ، ولكن …هل تلغي الحقيقة التي تطل برأسها مع كل صيحة فزع وقطرة دم …دمنا ليس رخيصاً إلى هذا الحد يا صديقي …