اعربوا هذه الأسماء
اسمحوا لي بتعريف هذه الأسماء العاربة والمعرّبة …والتي حلّقت عاليا بالثقافة العربية وقالت للآخر: إنّنا نحسن المقاومة والاستمرار بغير سلاح يحتاج إلى طلقات و تزييت .
تحية احترام إلى المناضلة الفلسطينية ليلى خالد التي قالت بعد مسيرة طويلة:(لعلّ تطريز امرأة لثوب فلسطيني في بيتها أكثر حفاظا على الهوية من اختطاف طائرة).
*الأسماء في الفكر و التاريخ:
-محمد أركون…الذي رحل عنّا منذ سنوات قليلة ..قال للغرب عبر كتاباته :انسوا الإرهاب وابحثوا عن أسبابه أوّلا ,إنّنا نحسن التفكير والتفكّر في أحوال هذا العالم ,قادرون على محادثتكم بلغتكم ومحاججتكم بتأويلاتكم …إنّنا أبناء هذا العصر ,مهما فعل السفهاء منّا …ومهما قيل عني بأني لست ابن بيئة عربية وأني درست ودرّست في جامعاتكم.
-هشام جعيط:
قال عنه صادق جلال العظم:لم يرافقني في اغترابي وغربتي كتاب كما رافقني(أوروبا والإسلام) ,كتاب هشام جعيط الذي كتب (الكوفة) كما لم يكتبها أهل الكوفة والعراق…وكتب كتاب (الفتنة) ,كما لم ينتبه لها أهل الفتنة….إنه يؤكّد مقولة مواطنه عبد الرحمن بن خلدون:(التاريخ في ظاهره لا يزيد عن رواية وقائع ,أمّا في داخله فنظر وتمحيص).
-محمّد محفّل:
يشبه التاريخ بشعره الأبيض وقلبه الأبيض و(دجداشته) البيضاء….بارع في قراءة التاريخ قبل كتابته,يميّز بين المدلّس والصحيح مثل صائغ عتيق,منفتح على كل الثقافات …له رأس بارد وقلب دافئ.
*الأسماء في الموسيقا:
-محمد عبد الوهاب
الذي جعل (التانغو)و (الفالس) في متناول الجميع عبر أغنيات Lسهرت منه الليالي) و (جفنه علّم الغزل) و (بلاش تبوسني في عيني) …عبد الوهاب علّم كل العرب كيف ينصتون …وأظنّه مات احتجاجا على غياب الأناقة.
-سيد درويش:
تدين له مصر بنشيد (بلادي بلادي) البعيد عن التشنّج وقرع الطبول,يدين له العرب بكل الروائع من الأدوار والطقطوقات…من (أنا هويت وانتهيت) حتى أوبرا (الخمس قروش).
سيد درويش بيتهوفن العرب ووريث (عبده الحامولي) …وآخرين من الذين طرنا مع أصواتهم ونحن أمام الاسطوانات…والمرايا المحدودبة والمقعّرة.
-أنور أبراهم:
مازال يعيش بيننا …وأخشى أن لا ندرك قيمة عزفه إلاّ بعد عمر طويل….إنه من(براهمة)العزف على العود…على عكس بعض المشعوذين الذين كرّستتهم الشاشات العربية…اسمعوا له ألبوم (خطوات القط الأسود) مثلا.
*الأسماء في الغناء:
-صباح فخري:
قلعة حلب الثانية وموّالها المسافر غبر طريق الحرير مثل محمد خيري وصبري مدلّل.
-لطفي بوشناق:جوقة كاملة في شخص واحد….عنفوان في الحضور والصوت والموقف.
-ربى الجمال :مطربة تطرب لها الحجارة ولا يصدأ صوتها….مهما حاولوا الخيميائيون الجدد تحويل القصدير إلى ذهب.
-أمينة فاخت:
(إيديت بياف )تونس والعرب ..والمطربة القادرة على غناء دليل الهاتف بمتعة وطرب….ودون عناء.
-طلال مدّاح: عندليب العرب والرجل القادر على إطلاق صوته من الخليج إلى المحيط دون عناء مثل لاعب باسكت بول.
*الأسماء في الأدب
-نجيب محفوظ:
عرف عنه أنّه قليل السفر ,لكنّ حاراته المصرية سافرت إلى أصقاع العالم وقال لكل المغرضين:(إن العرب يستحقون نوبل بامتياز).
-عبد الرحمن منيف:
هو أروع بدوي تعرفه باريس و أروع باريسي تعرفه بوادي العرب ,…وبعيدا عن الرواية فإنه أجمل من يكتب في النقد التشكيلي ,…لن أنسى أناقته وهو يشرب (الإكسيبرس)ويدخّن الغليون.
-محمود المسعدي:
الذي قال عنه طه حسين بأنّ الوجوديّة قد أسلمت وتعرّبت على يديه ,اكتفى في حياته الطويلة -مثل المبدع الطيب صالح – بما لا يزيد عن ثلاث كتب أو أربع…لكنّه ربّى أجيال كثيرة على أنّ الأدب مأساة أو لا يكون .
-محمود درويش :
قال للعالم :(ما أكبر الفكرة…ما أصغر الدولة).
*الأسماء في الفن التشكيلي:
فاتح المدرّس ,نذير نبعة,نجا المهداوي,أحمد معلاّ,رفيق شرف,صفوان داحول,مصطفى الحلاّج ,محمد بوعبانة,أكثم سلّوم ,شلبيّة ابراهيم ,عتاب حريب …و آخرون من الذين أكّدوا الهوية البصرية لثقافتنا وقالوا للغرب بأنّ العين عندنا –كما الأذن- تعشق أحيانا…وربما دائما.
أخيرا,لا أودّ الكتابة في فنون المقالة والمسرح والإخراج والتمثيل خشية أن أتّهم بالتحيّز في مجال لي فيه الكثير من الأصدقاء …والخصوم أيضا.
إنها مجرّد تحية ,ذات ميولات شخصية لحرّاس الإبداع في عالمنا العربي من الماء إلى الماء….لا أكثر ولا أقل.