الشيخ والشارع المشيطن
الشيخ والشارع المشيطن… ” إنّ الشارع التونسي ينقض الوضوء…..”.!.
قال هذه العبارة عند زيارته إلى تونس في “العصر الذهبي ” لجماعة الترويكا بقيادة “النهضة ” والتي فتحت له القاعة الشرفية في مطار قرطاج واستقبلته على بساط من لون دماء الأبرياء ومناضلي اليسار الوطني الذين سقطوا برصاص الغدر أثناء فترة حكمهم .
هكذا أنقض الشارع التونسي ـ الذي حيّاه كل أحرار العالم ـ وضوء “شيخنا ” وجعله على “جنابة ” وكأنه دخل البلاد طاهرا طهورا ومبشّرا بقيم التسامح والسلام فصدمته حالة “الانهيار الأخلاقي ” وكأنه قادم من “جزيرة العفّة والنقاء .
أسأل عن العورة التي تعوّذ بالشيطان منها هذا الكائن المسربل بالحقد والمعمّم بالكراهيّة والتخلّف ..؟..هل هي جحافل النساء والفتيات اللاتي لا تجدن الوقت للتبرّج وتقصدن المصانع والمدارس وشتّى الوظائف الخاصة والعامة وتعطي درسا في قدرة المرأة العربية على التحدّي و تبوّء الصدارة، حتّى أنّ شيخنا قدم البلاد على متن طائرة تقودها سيّدة تونسية …
ما الذي أفسد وضوءه ؟ هل هي المنشآت السياحية التي يقف عليها اقتصاد بلاد لا تعيش من ريعيّة النفط وتبعاته، أم المقاهي الثقافية ودور المسرح والسينما والمعارض الفنيّة التي يدعو لإغلاقها وإغلاق الرؤوس المفكّرة والنفوس التوّاقة للجمال والإبداع ؟
كم مرّة في اليوم يحتاج هذا الدجّال إلى التطهّر بعد كلّ مكسب حضاريّ ناضلت واستشهدت لأجله أجيال وأجيال فكانت وما تزال هذه المنشآت قلعتنا الأولى والأخيرة في مواجهة التطرّف والإرهاب الذي بدأ يتقاطر علينا بدل السيّاح والزوّار والمؤتمرين .
الآن ـ وبعد الكلمة المهينة التي أطلقها سماحته المسنود بالأموال المشبوهة ـ صار من حقّ كل مواطن ومواطن أن يرفع دعوة قضائية ضد هذا الكائن التحريضي التكفيري ويدين كلّ من فتح له أبواب البلاد ووفّر له الكاميرات والميكروفونات كي يشتم القوم في عقر دارهم، بل ويشكّك في عقيدة شيوخ جامع الزيتونة من فوق منابرهم وهم السادة الأفاضل المعروفون عبر التاريخ بروح الاعتدال والوسطيّة والمؤسسين لمدرسة اللين والحوار والقبول بالمختلف في الديانة والمعتقد….يكفي أن نعلم بأنّ كبار التنويريين والمسنّين للقوانين الجريئة هم من “الزيتونيين” .
هكذا أفسدت وضوء فضيلته كل أجناس التطهّر الروحي من فنّ وإبداع وجمال وفكر ومعرفة، ودنّست نفسه الأمّارة بالقبح والقتل والتخلّف، وهو المغتسل بدماء الأبرياء والساجد أمام أولياء النعمة كعبد مأمور لعبد مأمور .
بقي أن نذكّر بأنّ الشيخ جاء تونس من أجل خطبة وخطوبة، أي “حاجة وحويجة ” كما يقال في العامية التونسية، فلقد تمكّن بالمعيّة، وبمساعدة أتباعه ومريديه من الزواج بفتاة تصغره بخمسين عاماً، ربما كي يتجنّب مشقّة الاغتسال عدّة مرّات في اليوم ….فـ”أنقذوا ” وضوءه.
كلمة في الزحام .
.. أما كان أولى بالسيدة التونسية التي تقود طاقم الطائرة القادمة إلى تونس أن تلقي به من فوق السحاب انتقاماً لأبناء شعبها وبنات جنسها وهو القائل ” إنّ تعلّم وعمل المرأة عورة وحرام في حرام “.