تحليلات سياسيةسلايد

عبدالحميد الدبيبة في تونس بدفع جزائري يؤجج سياسة المحاور

وصل رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة الأربعاء إلى تونس في زيارة تأتي وسط برود في العلاقات بدا واضحا خلال زيارة وفد اقتصادي تونسي إلى طرابلس في الفترة الأخيرة كان يفترض أن تقوده رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن، لكنها غابت عنه.

واثار الدبيبة في السابق حفيظة الجانب التونسي بتحفظه على الاجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو/تموز من العام الماضي وعزل بموجبها منظومة الحكم التي قادتها حركة النهضة الإسلامية.

لكن المتحدث باسم حكومة الوحدة الليبية محمد حمودة أكد بان الزيارة ستتم بدعوة من الرئيس التونسي فيما يبدو أنها محاولة لحلحلة بعض الخلافات قائلا “بدعوة رسمية من الرئيس قيس سعيّد يُجري رئيس مجلس الوزراء غدا الأربعاء، زيارة رسمية إلى الجمهورية التونسية”.

وأضاف حمودة، في بيان نشره الثلاثاء، عبر صفحته الرسمية بموقع فيسبوك، أن الدبيبة يرافقه خلال الزيارة “محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير، ورئيس ديوان المحاسبة خالد كشك، ونائب رئيس الوزراء وعدد من الوزراء ورؤساء الأجهزة الأمنية والخدمية”.

وأوضح أن الزيارة تأتي بغرض “التباحث حول عدد من الملفات الاقتصادية والتجارية والأمنية التي تخص البلدين الشقيقين”.

كما تأتي هذه الزيارة في الوقت الذي تبدو فيه تونس عالقة في مأزق يتعلق بالنزاع على الشرعية بين حكومة الدبيبة وحكومة فتحي باشاغا (في الشرق) التي منحها البرلمان الليبي في مارس/اذار الماضي الثقة لكنها عجزت عن دخول طرابلس للقيام بمهامها.

وفيما ترى مصادر ليبية أن الزيارة ضرورية في توقيتها ومضامينها بحكم حالة من العزلة تعيشها حكومة الدبيبة وحاجة تونسية للتنفيس عن أزمة مالية خانقة، فإن بعض القراءات تذهب إلى وجود دفع جزائري وراء جهود التقارب بين تونس وحكومة الدبيبة وهو ما يفسر زيارة وزير الخارجية الجزائري رمطان العمامرة الأخيرة لتونس ولقائه بالرئيس قيس سعيد وكذلك زيارة نجلاء بودن للجزائر التي تدعم السلطة الموازية في طرابلس.

ودأبت الدبلوماسية التونسية على مدى تاريخها على التزام الحياد والنأي بنفسها عن النزاعات الإقليمية والدولية والدعوة للحوار سبيلا لإنهاء الأزمات، لكن في الحالة الراهنة قد يثير استقبالها للدبيبة غضب السلطة في شرق ليبيا والأطراف الدولية التي تدعمها ومن بينها مصر.

ونشطت الجزائر دبلوماسيتها في الأشهر الأخيرة باتجاه لعب دور أوسع من الوساطة بين الفرقاء الفلسطينيين إلى ليبيا، بينما تذهب في دورها إلى أبعد من دور الوسيط إلى سياسة المحاور على غرار تدخلها في الأزمة الليبية.

وفي 16 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وقع وفد تونسي في طرابلس مع حكومة الوحدة الليبية اتفاقيات تعاون اقتصادي.

وخلال لقائه الوفد التونسي آنذاك، حض الدبيبة على “ضرورة تكثيف التعاون الأمني بين ليبيا وتونس وزيادة التبادل التجاري بينهما وتسهيل القيود في هذا المجال” وفق بيان للحكومة الليبية.

وفي المقابل يرى مراقبون أن الزيارة التي سيقوم بها الدبيبة تأتي للبحث في بعض الملفات الخلافية حيث لا يخفى أن السلطات التونسية غير مرتاحة لحكومة الوحدة خاصة وان مسؤولين ليبيين يرتبطون بعلاقات مع حركة النهضة وأطلقوا تصريحات منتقدة للإجراءات الاستثنائية في تونس.

ويعتقد ان السلطات التونسية عالقة في مأزق نزاع الشرعية بين حكومتين متنافستين في ليبيا الاولى حكومة الوحدة بقيادة الدبيبة والثانية حكومة يقودها فتحي باشاغا ومدعومة من مجلس النواب بقيادة عقيلة صالح.

وكان وفد تونسي ضمَّ وزراء الطاقة والمناجم والتجارة والنقل ورئيس مؤسسة التكرير ادى زيارة الى طرابلس الشهر الجاري والتقى رئيس حكومة الوحدة حيث كان يعتقد بان رئيسة الحكومة نجلاء بودن ستقوده لكنها غيرت رايها ولم تلتقي الدبيبة فيما فسر انه موقف منتقد لسلطات طرابلس.

ونشب خلاف بين البلدين صيف 2021 بعد إغلاق الحدود بسبب جائحة كورونا، ثم تصاعد بعدما تبادل مسؤولون من البلدين الاتهام بأن كلا منهما يشكل خطرا أمنيا على الآخر.

وكان الدبيبة شكك في الاتهامات التونسية بشان محاولة اغتيال الرئيس سعيد حيث كشف “عن إرسال جهات أمنيّة تونسية رسالة إلى نظيرتها الليبية تدّعي فيها أنّ مجموعة من تونس قادمة لاغتيال الرئيس”.

وقال الدبيبة في حوار بث في إذاعة موزاييك الخاصة الشهر الجاري أنّ التقرير اتّضح لاحقا أنّه مفبرك من جهة سياسية لم يكشف عنها في محاولة لتبرير اتهاماته السابقة لتونس بتصدير الإرهاب.

لكن الدبيبة أكد انه تم تجاوز هذه المرحلة مشيرا إلى أن هنالك تعاون كبير بين ليبيا ودول حوض المتوسط ودول الجوار خاصة تونس في مجال مكافحة الإرهاب.

وفي المقابل يرى متابعون للشأن التونسي ان زيارة الدبيبة هي زيارة فرضتها التطورات الجيوسياسية وأنها تهدف لفك عزلة يعاني منها الطرفان.

وقال الحقوقي التونسي مصطفى عبدالكبير “أن زيارة الدبيبة مفروضة وهي زيارة لفك عزلة حكومتين تعيشان صعوبات داخلية وخارجية على كل المستويات”.

وقال عبدالكبير في تدوينة نشرها في حسابه الرسمي على الفيسبوك انه من المرجح ان يتناول الجانبان “9 ملفات من بينها التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين البلدين وإمكانية تدارس وديعة ليبية الى تونس او قرض يقع سداده على أقساط”.

والضغوط التي تمارسها الجزائر لدفع تونس للتقارب مع حكومة الدبيبة ستورط الجانب التونسي في سياسة محاور في مواجهة الحكومة الليبية بقيادة باشاغا والدعومة من مصر ودول عربية وأجنبية أخرى لا تعترف بشرعية السلطة المنافسة في غرب ليبيا.

 

 

ميدل إيست أون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى