بين قوسينكتاب الموقع

العلمانية .. على الطريقة العربية ..

تشكل كلمة العلمانية حساسية كبيرة في مجتمعاتنا العربية ناتجة عن عدة أسباب أهمها :
ارتباط مفهوم العلمانية بالالحاد كون العلم قام على أساس التحليل والتجربة والبحث العلمي ناكراً وجود الله كقوة عظمى تسير الكون ، وناسباً الحياة الى الخلية الأولى التي تشكل الطاقة المتجددة  التي انبثقت  منها الحياة ..
الدور الأساسي والمؤثر الذي يلعبه الدين في الحياة اليومية في المجتمعات العربية، اذ أنه يدخل في تفاصيل الحياة الشخصية لينعكس على طريقة التفكير ونمط الحياة القائمة على الاتكال على الله، والاستشهاد بأقواله وتعاليمه، لتسيير أمور الحياة من خلال صلاحيات منحها المجتمع العربي لرجل الدين ليكون الناصح والمرشد والمفتي أحياناً .. مما رفع من شأن رجل الدين ليصبح في بعض الأحيان مرجعية حياتية ، وحتى سياسية في ظل أنظمة استبدادية دكتاتورية قائمة على أساس احتكار الحياة السياسية بالطغمة الحاكمة والحرية الدينية متاحة للشعب ..
فاستغل بعض رجال الدين مكانتهم هذه لتشويه مفهوم العلمانية، وربطه بالالحاد وعدم الايمان.. ليتمكنوا من احكام سيطرتهم على المجتمع .. والسبب الأهم هو أنظمة القمع والاستبداد التي لبثت ثوب العلمانية والعدالة والمساواة فشوهت العلمانية وغيبت الحريات السياسية عن شعوبها من خلال كم الأفواه وقمع العلمانية الحقيقيية.. لتدفع الشعب الى أحضان الدين كمساحة للحرية والمواساة والتصبير …
باختصارلعبة قلب مفاهيم اتبعها من استغل الفراغ السياسي من خلال تثبيت المفهوم الخاطئ للعلمانية، ليسهل عليه التحكم بالشعب دينيا، مستفيدا من غياب الانتماء الوطني في ظل الاستبداد والديكتاتوريات …
حال أوروبا في العصور الوسطى ، والتي صارعت سيطرة الكنيسة على الدولة لسنوات طويلة، كانت أوروبا خلالها ترزح تحت حكم الكنيسة المتسلط المنفعي القائم على أساس الطاعة المطلقة لكهنة وملوك ادعوا أنهم يمثلون الله على الأرض الذي لا يعلو فوق سلطتهم وصلاحياتهم ومصالحهم شيء .. ليستشري الفساد والفسق والخيانة ولتنهض بعدها أوروبا بعد صراع استمر سنوات طويلة ، لتحررالدولة من حكم الكنيسة ولتصبح أقوى دولة ديمقراطية علمانية قائمة على فصل الدين عن الحياة السياسية، وفق دستور ديمقراطي يقوم على العدالة والحرية والمساواة ..مع احترام الحريات والمعتقدات الدينية الخاصة بالشخص نفسه دون أن تتضارب مع احترام حريات الأخرين وحياتهم الشخصية … لتبدأ النهضة الأوروبية الحقيقية بعد عصور الظلام والانحطاط ولتشكل قوة دولية صناعية تجارية عظمى ..

بوابة الشرق الاوسط الجديدة 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى