بين قوسينكتاب الموقع

التهمة … سلمية !!!!

التهمة … سلمية !!!! كلما ذكرت كلمة سلام .. تفاوض .. لاعنف .. يقفز البعض لينتقد كلماتي وكأنني أسيء لأحد وأهينه شخصياً .. ويتهمني بالرومانسية واللاواقعية ….. وكأن كلماتي جريمة بحق الانسانية … !!!!
هل هو المضحك المبكي .. حقاً لم أعد أدري … كيف تتحول القيم والمبادئ الاخلاقية الى تهمة .. وبحق من !!؟؟
بحق شعب يذبح أم وطن منكوب  .. قد لا ألوم من دفعه العنف الى الشعور بالحقد والرغبة بالثأر والانتقام .. خاصة بغياب كامل للعدالة ودور الدولة بتطبيق القانون، خاصة عندما تصبح الدولة طرفاً في انتهاك القانون بتطبيقه عشوائياً حسب مصالحها ومآربها … متناسية أن الظلم وإهمال الحق ..  هو أحد أهم أسباب الثورات ، ليصبح كل ذي حق يبحث عن حقه بنفسه ، لأن الدولة مشغولة عن مهامها بحماية مصالحها على حساب أمن الشعب وأمانه …
والأغرب بالنسبة لي كيف يعتبر البعض لا بل والكثيرين أيضاً .. أن السلاح والعداء والاقتتال هو طريق لقمع شعب أو لتحريره .. وأن استثارة الغرائز وتجييش النزعات الطائفية العرقية العنصرية ، هو أسلوب صحيح لقيادة الشعوب وإقحامها في
معركة الديمقراطية …
فعندما لا تستطيع قطرات دماء الانسان البريء التي تسيل على مذابح السلطة والمصالح والكراسي .. أن تحرك انسانية أخيه الانسان وتستصرخ ضمير العالم ليتحرك ضد العنف والقتل .. يصبح الواقع غير أخلاقي ولا انساني ، لا تقبل به حقوق انسان
ولا ديانة سماوية  … بل نسمع الكثير من التبريرات للقتل و الحشد للحرب ، لتصل الى مرحلة الشماتة بالموت والتنكيل بالجثث والرقص عليها ، ويصبح التشفي بالآخر المختلف بالرأي وتحليل قتله وهدر دمه هو رد الفعل الطبيعي على واقع
المعركة .. ويصبح كل من يدعو لوقف العنف ، وتشغيل العقل ، وإعلاء صوت المحبة والسلام هو مجرد حالم واهم منفصل عن الواقع .. تحاربه جيوش المطبلين والمصفقين والمهللين لاشعال سعير الحرب .. ويطلبون منه الصمت لأن كلماته تسبب وهن عزيمة المقاتلين الأشاوس .. وتضعف شعور القادة الأبطال … ولتصبح أكبر تهمة هي … سلمي .. أو سلمية !!!!!!
فالسلمية بكل أدواتها كحركة احتجاجية صحيح أنها تستغرق وقتاً أطول لتحقيق الهدف .. ولكنها ترسي دعائم الحرية والديمقراطية الحقيقية … عكس الحركات العسكرية التي قد تؤدي الى تغيير جذري سريع .. ولكنها غالبا ما تستبدل ديكتاتوريةبديكتاتورية جديدة يفرضها السلاح المسيس .. مترافقة بسقوط أخلاقي ..  لتتحول القيم التي تربينا عليها في المنزل والمدرسة والمجتمع من ضوابط أخلاقية تجمعنا ضمن عقد اجتماعي قائم على احترام حقوق الآخر في الحياة الحرة الكريمة وتحريم القتل والموت .. وتجريم الانتقام والثأر بحقد .. الى مجرد تنظير وأوهام في حالة الحرب .. وللتحول أهداف الحرية والعدالة والكرامة الى مجرد شعارات للتسويق والاعلام .. وتاهت في دهاليز الثأر والانتقام ، ويصبح البطل من يقتل أكثر ومن يشمت أكثر ومن يحرض أكثر .. ويتحول النصر الى رقصة على جثة الآخر ..
قد يكون للحرب وقتها ومكانها ورجالها عندما تقارع عدواً خارج حدود وطنك يتربص بك شرا .. ولكن هزيمة مرة يعيشها كل من يخلق له عدواً داخل حدود الوطن .. لأنه يخسر انسانيته وكرامته .. ويخسر وطن …..

بوابة الشرق الاوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى