بين قوسينكتاب الموقع

بائعوا … الوهم !!

بائعوا … الوهم !!  كان ومازال مصطلح بائعات الهوى يتم اطلاقه على كل من تبيع جسدها مقابل حفنة من النقود ..مصطلح يعطي بعداً تجارياً .. ومعنى فيه بعد محترم نوعاً ما .. باعتبار البيع عملية تجارية  .. والهوى هو الحب والعشق .. !!

فبيع الهوى أي تقديم الحب والعشق لمن يريده مقابل المال قد رفع من سوية بائعات الهوى ووضعهن في مرتبة تاجرات لهن مهنة محددة .. رغم احتقار المجتمع لهذه المهنة واعتبارها إهانة للمرأة وجسد المرأة ورمزية الأم ..
مصطلح خطر على بالي وأنا أحاول أن أوصّف الحالة التي تعيشها مجتمعاتنا العربية التي قررت أن تخلع عنها عباءة الاستبداد العتيقة المهترئة لتختار ملابس عصرية ملونة بشعارات براقة جميلة ..
فاذا بها تخلع عنها الرداء لتجد نفسها عارية فجأة .. وقد حاول شتى مصممي الأزياء العالميين إلباسها رداءً يتناسب مع ذوقهم لا حسب رغبتها .. ولتجد جسدها وقد أصبح مطية لشتى أشكال التجارة والبيع والمزاودات ..
إنهم تجار السلاح وتبييض المال .. تجار الإغاثة والإنسانية .. تجار الدين والأخلاق .. تجار السلطة .. تجار الأوطان

إنهم بائعوا … الوهم .. ليس أكثر .. مقابل بناء ثروات على أنقاض الانسانية ودم الشعب ..

إنها المؤامرة على أحلام الناس .. ورزقهم .. وحياتهم ..
تتجلى المؤامرة عندما لا يستطيع شعب أن يقرر مصيره  لأن الدول الكبرى لا تريد له ذلك .. وعندما تتعارض مصالحها مع حريته وكرامته وإنسانيته … لتتحول الحقوق إلى صراع مدمر قاتل .. ويتحول حق الحياة والبقاء إلى اقتتال .. وحرب ..
فالذي يعيش الحرب  .. يعرف أن جواز السفر تحول إلى مجرد محارم معطرة يمسحون بها كرامة المواطن العربي على الحدود العربية ..
الذي يعيش الحرب … يعرف أن العروبة قد أضحت خدعة .. بعد أن تشربناها كل صباح ومساء، ورضعناها مع شعارات الوحدة والحرية والاشتراكية . فهي اليوم  مجرد مخدر لحشد الشعب وتطويعه … وقضية فلسطين هي مجرد شماعة للتجارة بأحلام شعبنا، وشحن عواطفهم العروبية والانسانية ..
الذي يعيش الحرب .. يعرف أن حقوق الانسان والشرائع الدولية .. مجرد يافطات جميلة براقة وشعارات حلوة جذابة يكفنون بها شعبنا وأهلنا لكسب تعاطف شعوبهم من أجل دعم حملة دعائية وتسويق منظماتهم الانسانية ..
الذي يعيش الحرب .. يعرف أن الانسانية تسقط عند أول دمعة تسقط من عيون طفل مجروح ..
والذي يعيش الحرب يعرف أن أجمل لحظة عنده هي عندما يحتضن حجارة بيته ولو ركام ..
والذي يعيش الحرب .. يعرف أن مصير هذه الأمم هي بيد الدول العظمى وأن الشعب مجرد وقود لمصالحها ..
والذي يعيش الحرب .. يعرف كم هو سهل الكلام والتنظير والمزاودات ..وكم هناك أناس يريدون استمرار هذه الحرب لصنع ثروات ..
وكم أن العالم يبيعنا وهماً وأحلام ..
والذي يعيش الحرب .. يعرف كم أن شعبنا عظيم ويستحق الحياة … ويستمر ليجد ثوبا يناسب أحلامه …

21.05.2014

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى