بين قوسينكتاب الموقع

وتضيق مساحة الحل ….!!!!

وتضيق مساحة الحل عاد الخطاب الاعلامي والسياسي العالمي والدولي حول مشروع التقسيم ، وإعادة هيكلة المنطقة العربية على أسس طائفية عرقية قومية، يأخذ حيزاً واسعاً من الطرح والتداول، من منطلق وضع حل ومخرج للأزمة التي تتصاعد بشكل غير مسبوق .. متخذة من سوريا ساحة  صراع لها.
فبعد كم هائل من الدم والأحقاد المثقلة بالطائفية والعداء القائم على النزعات الدينية .. واستبعاد حلول سياسية توافقية .. وتصعيد الحل العسكري والخطاب الطائفي الرافض للحل.. تضيق مساحة الوطن وتتوسع رقعة الخلاف، لتصبح العودة الى
حلم الوطن الجامع للكل ضرباً من الخيال بوجود هذا الشرخ، الذي يتعمق يوماً بعد يوم بين مكونات الوطن الطائفية والقومية.
لا شك أن هناك انقساماً مجتمعياً حاداً، يقوم على الولاءات الدينية الطائفية ورفض الأخر. بداية ، كان الشرخ أقرب الى شرخ سياسي بين مؤيد للنظام ومعارض له لا طائفة له .. تحول مع الضخ الاعلامي الممنهج طائفياً .. ومع شرعنة السلاح
المحمل بعقيدة طائفية مترافقاً بدعوات الجهاد الذي يموله الخليج العربي من جهة، والجهاد المضاد الذي تموله ايران وحزب الله من جهة أخرى (والتمويل هنا يشمل السلاح والمال والجهاديين الغرباء ).. والذي بدأ يأخذ شكل الجهاد العلني، بعد أن كان
متخفياً بثوب حماية المدنيين والدفاع عن الوطن … ليتحول الى جهاد من أجل اقامة دولة الخلافة الاسلامية انطلاقا من أرض الشام ليشمل المنطقة كلها كما تدعي نبوة الفكر السلفي .. ورفض هذا الفكر ومحاربته من قبل الهلال الشيعي
بالمقابل.
لقد بدأت تتوسع رقعة الصراع السني الشيعي العلوي ليشمل العراق ولبنان ببروز نزاعات سنية شيعية علوية بين مكونات هذه البلدان .. يرافقه حراك كردي في شمال البلاد يأخذ شكل صراع مسلح يطالب بشكل غير مباشر بالاستقلال .. لتعود
الى الأذهان خارطة الشرق الأوسط الجديد .. الذي تم طرحها عام 82 والتي حاربتها حكومات المنطقة آنذاك رافضة التقسيم.

وتضيق مساحة الحل

تعود اليوم هذه الخريطة الجديدة لتقض مضاجعنا من جديد، مع تصاعد وتيرة العنف والحقد الطائفي .. ومحاولة جرجرة باقي الطوائف الى هذه اللعبة بتوريطها بالصراع المسلح .. فلم يعد مقبولاً لكل طرف أن يرضخ لحكم الطرف الآخر .. بعد أن
تلوثت يداه بالدم وأفكاره بالحقد والثأر والانتقام، وبدأ الشعب يطالب بالخلاص مهما كان الثمن .. تقسيم أم غير تقسيم … مع حركة نزوح والعودة الى الأصل .. كل الى مناطقه حسب انتمائه الطائفي .. أو الهجرة الى خارج البلد لمن لا يجد مكاناً
آمناً له، ولا رقماً في المعادلة السياسية القادمة.
سياسة ممنهجة لفرض الأمر الواقع ، من خلال استخدام الاعلام ، والعنف والترهيب والتخويف ، ولهجة العداء غير المسبوقة على خلفية الانتماءات الدينية ، لتصبح هذه الطائفة مع، وتلك ضد .. مع أنه في الواقع هذا الادعاء مجرد دعاية اعلامية
ممولة بهدف تدمير النسيج المجتمعي  وتقسيمه طائفياً.
فالموالون والمعارضون، في سوريا بالذات، هم من أطياف متنوعة .. ولكن لعبة الاعلام لإضفاء صبغة طائفية محددة على الحراك الثوري ووسمه بنفس ديني متطرف واضفاء صبغة دينية على الموالين للنظام من باقي الأقليات الدينية .. لقت آذاناً
صاغية .. وعقولاً ممولة لتتبناها بهدف الوصول الى هذا اليوم الذي يصبح التقسيم فيه طرحاً مقبولاً على الصعيدين الشعبي والدولي .. وتصبح العودة الى الاندماج صعبة وخاصة في ظل الفوضى والفلتان الأمني غير المسبوق ، وغياب العدالة
والقانون، وتأجيج الأحقاد والنزعات الطائفية … ليخرج القرار من يد السوريين .. ويصبح مصير الوطن بيد قوى دولية واقليميةترى مصلحتها ومصلحة اسرائيل في التقسيم ..
واليوم بالبحث عن بدائل منطقية بعيداً عن العواطف الملتهبة  .. تحقق الفصل بين الأطراف المتنازعة على مبدأ لا رابح ولا خاسر .. وتضمن بقاء الوطن دون تقسيم .. وتمتص الأحقاد الطائفية ..  كمخرج آمن للوطن … نعود لنطالب كل أصحاب القرار السياسي سواء من المعارضة أو من النظام لتفادي الانزلاق الخطير الى مشروع تقسيم الوطن .. الذي يرسخه الوقت والعنف ورفض الحل السياسي ، ومصالح الدول الخارجية .. والعودة الى فكرة بحث سبل لتشكيل مكون حكومي واحد،  يشمل
كل الأطراف من مكونات الشعب خلال مرحلة انتقالية تضمن وقف العنف ، والتهدئة، وتعمل على وضع آليات للحل بما يفعل القانون والمحاسبات والمحاكمات .. بتطبيق العدالة الانتقالية وبما يضمن حقوق الجميع بما يتناسب مع أهداف الثورة
بالحرية والعدالة والديمقراطية .. كمخرج آمن ووحيد ليبقى الوطن.

بوابة الشرق الاوسط الجديدة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى