شرفات

صباح الخير يا شوقي بغدادي !

صباح الخير يا شوقي بغدادي ! أنت شاهد على الزمن ، لا يمكن للزمن أن يقول لك : ابتعد قليلاً كي نسمع أصوات الآخرين ، لا يمكن للزمن أن ينأى عن شهادتك أبداً ، لأنك تشبه الزمن ، يتوقف كل شيء ، وهو لا يتوقف!

أنت واحد ممن سلًموا على الاستقلال بيدين دافئتين فرحتين بمستقبل جميل وآمن للسوريين، وأنت واحد ممن رفضوا تقديم التحية للانقلابات المتلاحقة من حسني الزعيم إلى أديب الشيشكلي، وأنت واحد ممن ابتهجوا في احتفالية  الوحدة مع مصر،  فلاحقتك دولة الوحدة رغم أنك تحبها..

وأنت شاهد على الانفصال ، وشاهد على الانقلاب عليه ، وشاهد على ما بعده، بل أنت شاهد على العصر الذي نعيشه حتى الآن .

طافت الحرب على سورية في السنين الأخيرة : بيتاً بيتاً ، وشارعاً شارعاً ، وحارةً حارةً ، بل وكتاباً كتابا ّ، وكانت البلاد تقوم وتقعد ولا تلهث أبداً ..

جميل جداً أن تحتفي بديوان شعر ، وأن نتجمع لتوقع لنا على كلمات قصيرة على صفحاته الأولى ، والأجمل أن تتعرف على الأسماء، وترحب بمن تعرف، وتترك لنا هدية كبيرة ، قلت عنها إنها (حفلة وداع) !

صباح الخير يا شوقي بغدادي..
أتذكر ماذا كتبت لنا قبل شهرين ؟

شكرتنا جميعا لأننا جعلناك لا تخاف من الموت، وقلت : ليس الموت كما يبدو لي الآن وأنا اقرأ تعليقاتكم، ليس الموت إذن بوجودكم بعدي غياباً خالصاً ما دمتم انتم يا أصدقاء أحياء!!!

في حفل توقيع ديوانك الشعري في نادي الصحفيين  كنت تتحدى الزمن، وتتحدى ضعفك الجسدي، وكأنك تعيد صياغة العبارة على نحو جديد : في ديواني الشعري ستستمر الحياة، لأن الشعر كامن فينا ، لأنه الصدق والإحساس والتحدي !

وأنت رجل التحدي، قامة من قامات بلادنا ، علمتنا في المدارس، وأمتعتنا في القصص التي كتبتها، والقصائد التي نشرتها، رجل التحدي فعلا لأن أكبر تحدي هو تحدي الزمن، وأنت تتحداه !

حكى عنك الدكتور نزار بريك هنيدي في كلمته الجميلة أشياء ينبغي أن يسجلها المثقفون السوريون على دفاترهم، وفي تعريفه لك ، صورة عن تعريف التحدي عندما يتجسد في حياة شاعر !

صباح الخير يا شوقي بغدادي ..

نحن قادرون على أن نقول لك كل صباح هذه العبارة ، حتى لو قاربت المئة من عمرك، لكن علينا أن نتعلم منك  تحدي الزمن ، ونعلن أن الزمن لا يمكن له أن يلغي قامة من قامات الوطن !

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى