فوق “الموتة” “عصّة قبر
فوق “الموتة” “عصّة قبر … قال الثعلب لحليفه الديك في حمّام السوق ” أفكّر في إلغاء اتفاق السلام المبرم بيننا يا عزيزي الديك , لأنك تثير الغبار وأنت تفرك ظهري” .
لم يكن منفّذ ” عمليّة كولونيا الألمانية ” غير واحد من ملايين الشبّان الذين تحرّش بهم شيوخ الفتنة في العالم الإسلامي واغتصبوا رؤوسهم الطريّة بمقولة أنّ الغرب الكافر يجب أن تستباح نساؤه وتنتهك أعراضه في دياره جزاء ما فعله ويفعله في بلادنا .
أشاح “الرأي العام الدولي ” بوجهه عن كل ما يحدث في البرّ والجوّ والبحر لشعوبنا المغلوبة على أمرها وجحظ بعيونه الزرقاء على حادثة التحرّش التي تعيشها نساء العالم في كل ثانية , خصوصا في المجتمعات الجائعة لكل شيئ …فما بالك في مناسبة احتفالية قد تأخذ طابعا انفلاتيّا وانفلاشيّا يصل حد البوهيميّة في بلاد “نيتشه” و “فاغنر” والرؤوس الحليقة والأفكار الغرائبية .
جاءت الضحيّة والمدعية هذه المرّة فتاة “مسنّة ” , متواضعة الجمال …لكنها تمثّل الكبرياء الألماني وقد أضيفت إليه كل البهارات من حقوق الإنسان في الحرمة الجسدية …وجاء المدعى عليه واحدا ممن هرّبتهم أمواج المتوسط نحو جزر الحلم والنجاة وأنقذته من أنياب القهر والفقر والتهميش فمارس شيئا من شهوته وعقده وأحقاده و”ثقافته ” .
لم يتسامح الغرب مع هذه الفعلة وجنّد آلته الإعلامية المرعبة ليشوّه المشوّه ويلوك الملاك ويزيد في ازدرائنا ككائنات تفكّر بنصفها السفلي …وكأنّ هذا الذي مازال ينقصننا …يعني وبالعامي الفصيح “فوق الموتة عصّة قبر “.
أحرجت هذه الحادثة كل المتعاطفين مع قضايا اللاجئين والمهجّرين وهدّدت كل من تسوّل له نفسه الدفاع عن هذه الشعوب لتضعه في خانة المدافعين عن “الثقافات المنحطّة ” والخائنين لنقاء الأعراق “الراقية والمتفوّقة ” فدقّت نواقيس التحذير في البرلمانات والحكومات , أشعلت الضوء الأحمر أمام “ميركل ” وغيرها من المعتدلين …وفتحت الأخضر للأحزاب اليمينية والحركات العنصرية المتطرّفة .
كأّنّ الفتاة الكولونيّة هي التي تحرّشت في الشاب المسلم وليس العكس , فهل نتّهم مجدّدا بالانزلاق نحو نظرية المؤامرة ولعب دور الضحية ؟ …فليكن…وإلاّ فلماذا هذا التوقيت ولماذا هذه “الفوكسة ” على حادثة تحدث كل يوم ؟.
معاذ الله أن نبرّر جريمة التحرّش والاعتداء على الحرمات البشرية التي يدينها الإسلام بمفهومه الأصلي والنقي , لكنّ الحادثة تذكّر بواقعة ضربة المنشّة الشهيرة بين داي الجزائر وقنصل فرنسا والتي عجّلت بدخول الاحتلال من أوسع الأبواب .
كلمة في الزحام
ردّ الديك على تذمّر حليفه في الحمّام بقوله ” هيّا تفضّل كلني أيها الثعلب ولا داعي لخلق الأعذار “.