شرفاتكتاب الموقع

قصة (ميرامار) في اللاذقية : ورجل الأعمال السوري عبد القادر الزوزو !

استوقفني رجل الأعمال السوري الصديق عبد القادر الزوزو في أحد شوارع اللاذقية، وأنا أحاول البحث عن سيارة أجرة تنقلني إلى كراج البولمان، لأعود إلى دمشق بعد نشاط ثقافي شاركت فيه. وعندما عرف أنني في طريق العودة إلى دمشق طلب مني الصعود إلى سيارته لأنه عائد بدوره إلى الشام !

لم أتردد بالصعود، فأنا أحب عبد القادر مذ كنا في المرحلة الثانوية، وانقطعنا عشرات السنين، ثم التقينا قبل أكثر من عشرين عاماً في جسر فيكتوريا. استوقفني ليسألني : ألست عماد نداف؟! فسألته مدهوشاً:  ألست عبد القادر الزوزو؟!

وخلال لحظات، عدنا إلى ذكريات بساطة أيام الثانوية، وتجددت صداقتنا التي شجعتني عليها ثقافته وحيويته فقد أصبح رجل أعمال ناجحاً، درس الهندسة المدنية وتفوق فيها..

قبل أن نعود بسيارته إلى دمشق، سألني عبد القادر:

ــ أين نمت في اللاذقية ؟!

وعندما أخبرته باسم الفندق، هز رأسه، وأخذني إلى فندق جديد على الكورنيش القديم، اسمه فندق ميرامار، وقال: في كل مرة تأتي إلى اللاذقية تعال إلى هذا الفندق وأقم فيه، فهو لي..

لفت نظري اسم الفندق، ف”ميرامار” هو عنوان رواية للكاتب العربي الكبير نجيب محفوظ، والرواية تقدم نماذج اجتماعية مصرية في مرحلة صعود الناصرية، تقيم في فندق صغير اسمه (ميرامار)، وتكشف الوقائع الفساد في الاتحاد الاشتراكي الذي أنشأه جمال عبد الناصر من خلال شخصية سرحان البحيري، وقد أنتجت السينما المصرية الفيلم ونال شهرة كبيرة خصوصا أنه من إخراج كمال الشيخ، وبطولة يوسف شعبان وشادية ويوسف وهبي.

دخلنا فندق ميرامار معاً، فتعرفت على أناقة التصميم ، وجمال ديكوراته واللمسات الجميلة فيه، ثم توقفنا عند مجسم لتصميم برج كبير أطلق عليه (مشروع برج ميرامار) على الكورنيش، وبالقرب منه عُلّقت الطلبات التي قدمت لترخيصه دون فائدة.

وفي فندق ميرامار، بوابة كبيرة في صدر (اللوبي)، كُتب على بابها: “سينما راميتا”، فأشار عبد القادر لأحد العاملين في الفندق كي يفتح البوابة، فدخلنا، فإذا هي سينما صغيرة ألصقت على جدرانها بوسترات أفلام السينما السورية الرائدة التي أنتجها أبوه محمد الزوزو!

لفتني صديقي رجل الأعمال الواثق بخطواته بأفكاره، فطرحت عليه عدة أسئلة، من بينها سؤالان سأنقل إجابته عليهما: لماذا أنت وفيٌّ للسينما إلى هذا الحد؟! ولماذا أطلقت على الفندق اسم (ميرامار) ؟

وعبد القادر هو ابن المنتج السينمائي الرائد محمد الزوزو، الذي اهتم بالسينما والإنتاج السينمائي، فكان يملك أكثر من سينما ولم يتردد في دخول قطاع الإنتاج السينمائي كما فعل رجل الأعمال المصري الشهير طلعت حرب.

أجابني صديقي، إنه أطلق هذا الاسم تكريما لذكرى والده، وأن ميرامار يذكره بالفيلم المصري، وشرح لي قصة الفيلم ، وقال : كان أبي يحب السينما، وقد أنشأ أكثر من سينما من بينها سينما راميتا بدمشق، وقد تدهور حال السينما لكن الذاكرة تعيدنا إلى أيام الزمن الجميل !

في سينما راميتا التي خصص لها رجل الأعمال السوري عبد القادر الزوزو حيزاً من فندق ميرامار، وفي حكاية اسم هذا الفندق، سرٌ ينبغي التأمل فيه ، فهل ينبغي على رجال الأعمال استعادة الزمن الجميل، أم أن المال الجديد المتشكل في لعبة الفساد غير قادر على صناعة زمن جميل كما فعل عبد القادر وهو يبني على أخلاق الأصالة والحضارة في مشروعه؟!

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى