إلى هؤلاء في عيد الحب
إلى هؤلاء في عيد الحب ..وردة حمراء إلى( أْبو عبدو ) اللحّام وهو يشهر سكّينه في وجه امرْأته مغازلاً: أنت القلب والكبد و (الكلاوي) وهي تنبض تحت ريش صدري، وغيرك (المعلاق) وسقط المتاع من صنف البيلاّ … ما زال حبك يفرمني كل صباح يا هبرة طرية تؤكل دون شحم أْو عضام.
وردة حمراء لأبي سعيد ( البطونجي) وهو يهاتف حبيبته من فوق (السقالة) عبر الخليوي: لا تعبئي بالعزّال يا حبيبتي ولا تخافي… حبّنا قائم على أْسس متينة وأْعمدة مسلّحة… يا حائطاً أسند ظهري إليه.. يا ارتشافه شاي العجم لحظة الاستراحة… يا مطرقتي التي أْدكّ بها حسد الحاسدين، يا سقالتي الأخيرة وهي ترفعني إلى الأعلى فأْعلى…
حبّنا بنيناه لبنة بعد لبنة في زمن البنايات المخالفة والمغشوشة.
وردة حمراء لماسح الأحذية وهو يهاتف ابنة عمّه في قريته النائية: طريّة وناعمة أْناملك كجلد حذاء إيطالي… حبك فرشاة تلمّع قلبي الناشف الحزين… فيصبح كهذه النجمة التي ألمحها الآن تلمع من بعيد وأْنا مستلق على فرشة صغيرة على سطح فندق متسخ وصغير في ساحة المرجه.
وردة حمراء لزكريا بائع اليانصيب الذي قال لإحدى بائعات الهوى على الرصيف :
يا جائزة المليون محروم، يا رقماً تستريح فوقه دواليبي المتعبة… أنا أْبيع الوهم وأْنت تبيعين الهوى فهل تقبلين بي بطاقة رابحة كلما دارت بنا دواليب الزمان.
وردة حمراء إلى السائق أبو فريد حين قال لأم عياله: يا وقود حياتي، يا مقودي الذي لم يفلت من بين يدي.. يا مكبحي في ساعات الخطر… يا معينتي على حفر الطريق… لم تكوني لي يوماً دولاباً منفّساً أْو صافرة شرطي.
وردة من البلاستيك الأحمر في مزهرية جافة على طاولة أْحد المسؤولين ينظر إليها موظفوه كل صباح بإعجاب، يقرّبونها من أْنوفهم ويقولون : (يا الله ! ما هذا العطر الساحر)..
وردة حمراء ظلت الأخيرة بين أْصابع بائع ورد متجوّل وحزين ليلة عيد العشّاق.
وردة حمراء مرسومة بقلم من رصاص على دفتر طفل لم يجد من يشتري له علبة أْلوان.
وردة (كانت حمراء) تسقط أْسفل الكرسي المتحرك من بين الصفحات الأْخيرة لرواية جميلة في مأْوى المسنّين
وردة حمراء إلى وردة حمراء تهدى ولا تهدي، تقطع أعناقها باسم الحب وتنزف عطرا ولا أحد يهتمّ لها.
وردة حمراء، (نظنّها كانت حمراء) تحت مكنسة عامل تنظيف في محطة قطار أْدمن التأْخير وجعلنا ندمن الانتظار منذ أْلف عام.
وردة حمراء إلى كل الفئران في شهر شباط لأنّ القطط مشغولة عنها بعيد الحب.
وردتان حمراوتان أمام حمار عاشق ووديع، يلتهم الأولى ويترك الثانية لأنثاه، لأتانه الجائعة.
وردة حمراء على قبر الرجل الذي كان يشتري لي عشرات العصافير من السوق كي نطيّرها سويّاً من أْعلى الجبل في طقس ربيعيّ لن أْنساه… أْبي، لقد أْدركت اليوم أنك أنت الوحيد الذي كان يتمنى أن أْكون الأْفضل والأْحسن حالاً منه… أْتذكر كيف كنت تمسكني بين ذراعيك وتطيرّني إلى الأعلى … إلى الأعلى كوردة حمراء نحو شباك الحبيبة النائمة…
كحفنة قمح في وجه الشمس… إلى الأعلى، كصلوات المظلومين.
كل زهور البراري والورود المستحيلة… كل قطعان السحب التائهة… كل الطيور اليتيمة التي تسكن قفص السماء… جاءت لتحط فوق قبرك أْيتها التي ولدتني..
أيتها (الأْمازيغيّة) الناطقة بلسان عربي وأْنت تأْخذينني في مثل هذا اليوم إلى التّلال والحقول والأحراش لاستقبال الربيع وتطعمينني أْعشاباً و حشائش لها طعم الحرية، مازال مذاقها في فمي وفي قلمي.
20.01.2014