كتاب الموقعكلمة في الزحام

فيلم عربي طويل

فيلم عربي طويل… المشهد الأول والوحيد:  ليلي داخلي.
غرفة فقيرة على السطوح في حي شعبي، الكاميرا تتجوّل في أثاثها المتواضع والمرتّب دون ذائقة .
تظهر مجلاّت خليعة وصوراً  للزوج مبتسماً لآلة التصوير وهو يمدّ يده مصافحا بعض المسؤولين في الدولة بهيئات مزرية… نلمح شهادات كثيرة لحسن السلوك على شاكلة (العامل المثالي) و (الحزبي المنضبط) و(لجان حماية الحي) الخ… معلّقة على الحائط .
ينفتح الباب فيظهر العريس في بدلة ليست على مقاسه وخلفه العروس بفستان أبيض ملطّخ بالعصير والشوكولا وهي تمسك بفردة حذائها المعطوبة في يدها.
-العريس: امسكي… هذه نسخة من المفتاح … صار بيتك من هذه اللحظة.
-العروس: بيتي..!… أوّلاً اكتب على الباب هذا بيت…. كي أتأكّد من الأمر.
-العريس: ثانياً لا تعصّبيني وفوتي برجلك اليمين (وهو يضع بقايا الكاتو على الطاولة)… ما عرفت كيف خلّصت بقيّة الحلويات من أولاد أختك، أكلوا كل شي .. كأنهم بحياتهم ما حضروا عرس class
-العروس (وهي تتفرّس في الغرفة باشمئزاز واضح) : وين غرفة النوم؟ ليش كذبت وقلت لي: جاهزة وبانتظارك ليلة الدخلة ؟.
-العريس: لا ترفعي من صوتك .. أهلي نائمون تحت في الأسفل .. أنت تعرفين… هم لا يطيقونك أصلاً.. حتى وأنت ساكتة.
-العروس: جاوبني… وين غرفة النوم؟
-العريس: حبيبتي، النوم على الفرشة بالأرض صحّي أكثر وحميمي .. أنا معي ديسك وانقراس بالفقرة الثالثة و…
– العروس(مقاطعة) : قبل الزواج قلت لي معك بس ربو… على ذكر الديسك… سمّعني موسيقى ؟
-العريس: عندي كل شيء .. وأرقى أنواع الموسيقى الطربيّة والشعبيّة وحتى الملتزمة، بس المسجلة خربت، بعثتها للتصليح.. أنا في رأيي الصمت أجمل…. مثل ما يقول الشاعر: (الصمت في حرم الجمال .. جمال) .
-العروس: إي طبعاً..الصمت أجمل حتى من الزواج…(هامسة) الله يلعن حظّي معك…أخاف أن تهاجمني نوبة الشقيقة.
-العريس: بما كنت تهمسين؟… شقيقة، يعني صداع نصفي .. صرنا اثنين … مثلي تماماً.
-العروس: مليون مرّة قلت لك لا تحك معي فصحى .. ورح شوف لي شيئاً نأكله .. ميتة من جوعي.
-العريس: كان عندي أربع بيضات، أكلهم صديقي (أبو ميزر) هذا الصباح وظل عندي علبة سردين منتهية الصلاحية ، سأنزل لأبحث وأشمشم عمّا طبخه الأهل في الأسفل.
-العروس: أنا لا أحب طبخ أمّك، تكثر من الفليفلة الحارّة، وأنا وأنت معنا بواسير … روح جيب لي ببيتزا .
-العريس: تعدمينني إذا معي فرنك واحد.. كل المصاري أعطيتهم للفرقة الموسيقية والباقي اشتريت به بالونات لصالة الأفراح….
-العروس: وتسمّيها صالة أفراح!؟ سمّها صالة أتراح
-العريس: ما شأني أنا إذا صاحب الصالة يؤجّر القسم اليميني لأمسيات التعزية .. و ما علاقتي بوضع خالك الذي ارتفع معه السكّري وأخذناه إسعاف من كثر شربه للعصير وأكل الكاتو ؟!
-العروس: هل نسيت عمتك التي صفعت المصوّر احتجاجاً على عدم تصويرها، نسيت ابن أخيك الذي داهمته نوبة الصرع وهو يرقص؟! …المهم، انزل الآن إلى بيت أهلك وهات لي خياراً وبندورة وقطعة جبنة … كثّر من الخيار ..أحتاج إليه كمّادات فوق عيني بعد بكاء الليلة .. وفي صيانة بشرة وجهي الذي هاجمته التجاعيد باكراً.. يا لحظّي العاثر.
(يسمع طرق على الباب، يفتح العريس، يهمس قليلاً إلى الطارق متوسّلاً ثم يعود عابساً وهو ينزع بدلته).
-العروس : ما الأمر … من بالباب؟
-العريس: جارنا(أبو ميزر) يريد البدلة التي أعارني إياها وتطلب منك زوجته إعادة فستان العرس نظيفاً ومكويّاً مع السيشوار .
-العروس: حبيبي، ألم تنتبه إلى هذين الورقتين المتزحلقتين من تحت الباب؟
-العريس)يقرأ): الورقة الأولى إنذار بقطع الكهرباء والثانية تبليغ بالهدم من البلدية لأن بيتنا يقع في منطقة مخالفات.
إظلام … قطرات مطر تنهمر بغزارة متسارعة من السقف يستقبلها الإثنان بالطناجر والصحون الفارغة.
… the end(مكتوبة على جسديهما المرتجفين في زاوية من الغرفة).

النهاية

بوابة الشرق الاوسط الجديدة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى