بين قوسينكتاب الموقع

معارضة للمعارضة

معارضة للمعارضة  منذ سنتين والشعب السوري عيناه معلقتان بين معارضة امتهن(اللا) ونظام لا يعرف (النعم) … تتنقل من قناة اعلامية الى أخرى مترقبة لمجرد ايماءة رأس بنعم هناك حل .. وهناك امل …
وبين اللا واللا ، بلد يدمرها جهابذة السياسية السورية ، بابتكار المواقف البطولية وحبكها سياسيا بكلمة لا ، والتي قد تأتي بشكل (نرفض، ولن نقبل، ولن نسمح) .. اضافة الى سين الوعيد مثل: سنفعل كذا وسوف كذا  … ليكون الماغوط بسخريته الوطنية اللاذعة حاضرا بواقعية المشهد السوري ودراميته السوداء، التي غلب عليها طابع المضحك المبكي .. فترى السياسيين على الشاشات يتراشقون الاتهامات .. ويتبادلون الشتائم وتصبح (لا ) مع تلويحة السبابة أقصى درجات الرفض والاستياء وتسجيل المواقف .. فلا تخطر على بالي إلا مسرحية من أروع مسرحيات الماغوط … (غربة) … لأضحك على واقعنا وأبكي المعارضة، ورجالات السياسة  والنظام ….
فالمعارضة مرتبطة بذهن  المواطن العربي بكلمة لا .. والمعارضة هنا تعني الاعتراض على الاخر ليأخذ النظام أيضا شكل المعارض أحياناً الذي يرفض أي مبادرة أو مقترحات من معارضيه لمجرد العنجهية وإثبات الوجود والمناورة السياسية …..!!!!!
فمهما كان خصمك يملك ولو جزءاً من الحقيقة .. موقفك المعارض يفرض عليك أن تقول له لا .. ولو كان على حق  .. فلتثبيت موقفك ودعمه قل لا فوراً دون تفكير .. فهذا الموقف يمنحك الحصانة والحنكة السياسية ويضع خصمك في موقف الضعيف ..!! ليختصر الماغوط المشهد بمختار ضيعة ديكتاتوري مستبد ، قرر أن يعارض ليظهر لشعبه أنه ديمقراطي منفتح .. فلا ينفك يقول لا ولا ولا جواباً على كل سؤال أو فكرة يطرحها خصمه حتى وإن كان مجرد سؤال .. اختزال عميق لفكر الحوار والتفاوض بين الفرقاء العرب …
واليوم هذا حال السياسة العربية بشكل عام والسورية بشكل خاص ، لتصبح مسرحية (غربة) التي أضحكتنا منذ 30عاماً واقعاً نعيشه اليوم ، لم يعد يضحكنا بل أصبح يبكينا لأنه يكلفنا دماً ودماراً وتخريباً .. ليظهر شكل جديد آخر  و التي تعمل على الاعتراض على المعارض الذي يخالفها الرأي ..
إن منطق الحرية والتنوع والديمقراطية ، يفرض تنوع الآراء واختلافها وتباينها، مع احترام الاستماع والاصغاء وأخذ الرأي الأخر بعين الاعتبار … ولكن ما يحدث اليوم هو معارضة للمعارضة وتشويه الآخر … فلا أعتقد أن هذا يصب في مصلحة الفكرة أو القضية أنما يضعفها، و يفتتها ويسخفها ، لتتحول من  قضية وطنية الى قضية شخصية ..  بعدائية واستفزازية قائمة على محاولات تفشيل وتخريب أي حل لا يتوافق مع مصالح الشخص المادية،أو السلطوية أو حتى الاعلامية.
أمام هذا الواقع المضحك المبكي تبقى الحلول في إطار تصغير الأنا وإعلاء النحن … والخروج من إطار الشخصنة وأخذ الموضوع بصفة عامة غير شخصية  وبنظرة شمولية واسعة تتجاوز الأحكام المسبقة المرتبطة بـ(لا ) ..
فكرة بسيطة .. لكنها تختصر عقلية عربية تعتبر إثبات الوجود وقوة الموقف ترتبط بالمعارضة للمعارضة ، وليس المعارضة للتصحيح وتحقيق هدف أسمى وحل أفضل ..
كلما تمكنت المعارضة السياسية من تجاوز أخطاء النظام ، وعدم الوقوع في فخ الشخصنة  والقمع والاستبداد، وقدمت بديلاً اخلاقياً وانسانياً أفضل يحمي الشعب من الموت والبلد من الدمار .. كلما قلت كلمة لا .. وكلما انتقلت من الرفض  والشجب والوعيد والاستقواء بالخارج .. إلى العمل الحقيقي القائم على إيجاد حلول ، تخفف معاناة الناس وتحقق أهدافها وطموحاتها .. هذا هو الفعل الحقيقي الذي يمنحها شرعية ويكسبها مصداقية .. يؤهلها لتقود مرحلة انتقالية تصل فيها بالشعب والبلد الى صندوق الانتخابات .. وترسيه على بر الأمان ليبدأ مرحلة  البناء ..
فلتسقط (لا) المعارضة .. ولتبدأ (نعم) للحل.

بوابة الشرق الاوسط الجديدة 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى