فيلم مشروخ…وألسنة (أشرخ)
فيلم مشروخ…وألسنة (أشرخ) .. هو فيلم سيئ ورخيص بكل المقاييس الفنيّة والجمالية ,قبل أن يكون مسيئا بالمقاييس الفكرية والأطروحات الإيديولوجيّة, فلا تمثيل مقنع ولا نص متقن ولا إخراج موفّق … ولا جمهور لديه … غير من لم يشاهده وخرج هائجا مائجا إلى الشوارع …. أتحدّى قسما كبيرا من المندّدين إن كانوا قد شاهدوا هذا الشريط المهزلة.
نعم, لقد صادف توقيته مع ذكرى 11سبتمبر وزيارة الحبر المسيحي للشرق الأوسط وموجة الربيع العربي الذي يريدون د وس براعمه وقصف زهوره بالأشواك والتشويش على الحقائق.
خيّل لهم أنّ السفير الأمريكي هو مخرج الفيلم فقتلوه في حادثة أبشع من الفيلم …. كي تزداد القناعة بأنّنا قوم لا يتقنون الحوار والتسامح والعضّ على الجراح.
قال شاعر صديق: (كلّما احببنا امرأة ضاجعها الآخرون)…. نعم هذا ما أراده المزايدون في أسواق السياسة والدجّالون في تصعيدهم على الموقف من هذه الحادثة (الشبهة) فحوّلوا الأنظار إلى المصباح والشمس في كبد السماء … مثل من يشعل ورقة من فئة المائة دولار لأجل البحث عن دولار واحد في ليل دامس.
(للبيت ربّ يحميه ) كما قال أحد أشراف قريش في عام الفيل, وللنبي العربي الكبير منزلة عالية تحفظ في الكتب والرؤوس والصدور –وهو الذي تعرّض للأذى في حياته قبل ممااته – , فلم هذه (الطرنبة) ؟!… لماذا يراد الباطل بكلمات الحقّ وتنزل مقدّساتنا في المزاد العلني .
ما نعانيه أسوأ وأخطر بكثير من فيلم تافه أشبه بقنبلة صوتيّة لا تزعج إلاّ صاحبها والآذان الصمّاء, المتجاهلة لكلمات الحقّ وأنين الجرحى والمنكوبين.
ما يحتاجه أشقّاؤنا من أقباط مصر أعمق من فيلم سخيف, أفصح من دعاية سياسية (تلثغ بحرف الراء) … وليس أجمل من الميدان غير (التحرير).
لنتأمّل في جلال الآية الكريمة : ( وادفع بالتي هي أحسن , فكأنّما الذي بينك وبينه عداوة صديق حميم)… مالذي جعل الإسلام دين محبّة وسلام غير هذا الكلام….. مالذي أراد تشويهه غير فقهاء الظلام من التكفيريين والحاقدين والمندسّين.
حاولت شخصيا مشاهدة الشريط ولم أستطع إكماله لبشاعته الفنيّة وضعف انتاجه… انتاجه الذي بلغ خمس ملايين دولار ولم يشوّه إلاّ منفّذيه …ولم يسرق زهرة واحدة من بستان الربيع العربي.
كان الأجدر بنا أن نضحك ونفرح لهذه المحاولة اليائسة ونحتفي بانتصاراتنا على الظلم أيها الشباب العربي, فلم التشنّج والصياح في وجه الفاشلين ,تابعوا انجاز شريطكم الممتدّ فوق سجّادة حمراء كملحمة تليق بالأبطال.
اسحبوا البساط الأحمر من تحت أقدام محبي الأوسكارات الوهمية في السياسة وقولوا للزمن (كن) … إنه معنا هذه المرّة ولن يخذلنا كما فعل مع آبائنا وأجدادنا…لقد صار مطواعا فلا تكونوا جبناء.
هو فيلم سخيف يشبه الاسطوانة المشروخة … أمّا الأسوأ منه فهو الألسنة المشروخة والذقون المشبوهة والعمائم المدجّنة ,….والمدجّجة بالأفكار الهدّامة .
قال الشاعر (سيرانو دي برجراك) في الرواية الشهيرة لأحد خصومه : (كان عليك أن تشتمني بأروع من هذا الكلام أيها الأحمق) , ثمّ انهال عليه بسيفه عقابا له عن غبائه…. نعم, لن نعاقب أحدا على جهله, ولن نعلن الجهاد على أحد غير الظلم , لنردّ على القصيدة بما هو أجمل وعلى اللوحة بما هو أروع ….خلقنا الله عشّاق جمال فلماذا ننحدر إلى مستنقعاتهم الآتنة .
لا يقتل النبيل أطفال من أرادوا قتل أطفاله, لا يردّ الفنّان على عمل وضيع إلاّ بعمل أرقى, و لا نردّ على الفكرة برصاصة, بل بكتاب على كتاب, وفيلم على فيلم وموسيقى على موسيقى…..وبنكتة على نكتة.
ما هذه الحادثة التافهة التي تريد أن تجعل منّا عشّاق موت وأعداء حياة ونحن الذين أنبتوا الربيع في غير فصله وقالوا للذين لا يحبّونهم (ارحلوا) بهدوء… قبّلنا أفواه المدافع كي لا تقتلنا …..ماذا تريدون…؟! ها نحن نتعلّم الموت مبتسمين.
*كلمة في الزحمة:
جرّبت الكتابة للتلفزيون فوجدتها أصغر من الحياة, للمسرح فوجدته على قدّ الحياة…. للسينما فلقيتها أكبر من الحياة….أمّا هذا الفيلم فوجدته أتفه من أيّ حياة.