كورونا كذبة إبريل
كورونا كذبة إبريل.. “الطفل الذي يولد بعد تسعة أشهر من الآن، سوف يُخالف أبواه بدفع غرامة مالية وذلك بسبب عدم احترام شروط الحجر الصحي، وترك مساحة أمان بينهما”.. هذه “الكذبة ” كنت أودّ إطلاقها في الأول من إبريل، مساهمة مني في الوقاية من هذا الوباء، لكني تراجعت حين وجدت أن أفضل طريقة لتحمل العزلة والضجر هي المزيد من “الدفء والسكينة” بين الزوجين.
هذا بالإضافة إلى أن المدافعين عن حقهم في ممارسة ما أحله الله، لن تثنيهم في الحق لومة لائم، وسوف يجيبونكم بقولهم “ليجي الصبي، بنصلي على النبي” كما ورد في المثل الشعبي.
ولأجل هذه الأسباب مجتمعة، عدلت عن إطلاق كذبتي البيضاء، لهذا العام، رغم قناعتي الراسخة بأنه يجب أن تُجند كل ذكرى سنوية وكل احتفالية موسمية لصالح جبهة مقاومة هذا العدو الذي ينبغي التصدي له بالهروب منه.. إنه قضية العالم بأسره ويجب أن نرفع جميعا، شعارا ربما نسيناه، وهو ” كل شيء لأجل القضية”.
وبناء على ما تقدم، فإن شهوة الكذب الأبيض تبدلت بدورها هذا العام، بل توحدت مواضيعها في جميع أرجاء العالم، وتمحورت غالبيتها حول كورونا، كأن يزفّ أصحاب التفاؤل الكاذب خبرا حول إيجاد لقاح سريع وفعّال لهذا الوباء، أمّا الماكرون من أصحاب النوايا المبيتة فسيطلقون إشاعة حول إصابة أحد معارفهم أو المشاهير لديهم، بهذا الفايروس الذي لا يفرّق بين الأخيار والأشرار.
كذبة إبريل تخفي خلفها النوايا الطيبة والعاطلة على حد سواء، فقل لي ماذا كذبت أقل لك من أنت. أجهزة كشف الكذب ستقف عاجزة عن معرفة أصحاب هذا النشاط شبه المشروع في شتى أنحاء العالم، ذلك أن مرتكبيه لن يرفّ لهم جفن وهم يكذبون دون أدنى شعور بالذنب أو الخطيئة، الأمر الذي يشوش على الجهاز غير المبرمج على طلب الحلفان من الشخص الذي يفحصه. لن ترتفع حرارة أجسامهم ولن تتوتر أعصابهم وهم يمارسون هذا الطقس في منتهى البهجة والسرور بل وبنوع من الشعور الكامل بالرضا إزاء تأدية واجب احتفالي مرة واحدة في العام على أدنى تقدير.
ولكي تستمر البشرية في إحياء طقوس هذه الاحتفالية الضاربة في عمق التاريخ والميثيولوجيا الإنسانية، فإن عليها أن لا تفنى ولا تباد، وتستمر في مقارعة أعداء الحياة من مرئيين وغير مرئيين، ” دقت ساعة العمل الثوري” وبدأ الناس ينتقلون من مرحلة الهزل إلى مرحلة الجد إزاء هذا الفايروس الذي لا يمزح.. وهل يمزح القتلة مع ضحاياهم؟
النكات التي تُطلق الآن حول كورونا صارت سمجة، ولم تعد تضحك أحدا بل بدأت تستدرجنا نحو وحشة الأسئلة التائهة.. تماما مثل المشاهد الأخيرة من أفلام شارلي شابلن.